رؤية نظرية لمنهجية التقابل والتطابق

Abstract

ربما موضوع الإعلام و الصحافة خاصة من أكثر الموضوعات التي يتداولها الناس و يتعاملون معها بصورة دائمة و مستمرة. الى درجة دفعت الباحثين الى التساؤل, هل يمكن العيش بدون إعلام؟ هل يمكن تجاهل الصحيفة, الإذاعة, التلفزيون. أو الوسائل الأخرى؟ والجواب بسيط جدا, إنه يصعب على المجتمع المتحضر, أن يتجاوز المعلومة, أو يستغني عن تداولها, على المستوى الفردي أو الجماعي إلا أن التساؤل عن كيفية صنع الإعلام و عن الكيفية التي يحدد بها مضمونه ما زالت تحتاج الى خبرة إعلامية واسعة, و معرفة بالهيكل الإجتماعي و علاقاته و إلمام بالنظرية الإعلامية و أسسها. كل ذلك دفع الباحثين و المنظرين في الإعلام الى تبع و دراسة الموضوعات الإعلامية و الغوص فيهاالى درجة كبيرة. و مع ضخامة الإنتاج الأدبي الإعلامي مازالت هناك موضوعات إعلامية عديدة بحاجة الى الدراسة البحث, و الكشف عن مكوناتها. من هنا تأتي أهمية هذا البحث كمساهمة اولية بسيطة في ميدان جديد من ميادين الإعلام لم يتم التطرق اليه من قبل. المدخل:- التقابل و التطابق هو عبارة عن منهج بحثي بسيط يستند الى فكرة واضحة تستمد فاعليتها من تلاقي الفكرة مع النشاط (الفعل) الإجتماعي في موقع معين و ظرف محدد. و هو إذا صح التعبير طريقة منهجية غير معقدة يمكن أن يستخدمها الباحث في مجالات علمية – إجتماعية – عده. لغرض التحقق من مشكلة البحث المعينة بالدراسة إضافة الى إمكانية قياس الفرضيات التي يهدف الباحث الى إختبارها في دراسته. وهو يعتمد )أي منهج التقابل و التطابق) على تتبع عمليات التفاعل والإنعكاس, والتمثل بين الفكر الممارسة. و علاقة ذلك بالفعالية الإجتماعية و المشكلات الناتجة عنها. يستخلص نتائجها من خلال الوصف و إستنباط منطق الأشياء (الوقائع الإجتماعية) و مساراتها و صيغ الترابط و التفاعل بين مضمون الفكرة (موضوعة البحث) و الفعالية الإجتماعية (المعنية بالملاحظة) و الظواهر الإجتماعية (الناتجة عن الفعالية الإجتماعية). و يتركز المنهج المذكور على فرضية التقابل بين الفكرة و الممارسة كشرط التطابق بينهما. فإذا كان حاصل التقابل المذكور , وفقا لسياق شروط الواقع المادي – الإجتماعي و الظرف الموضوعي المحيط به. فإنه يصبح بالإمكان الحديث عن التطابق و من ثم إستخلاص النتائج المترتبة على تحول الفكرة ذاتها الى قوة مادية ملموسة , معبر عنها بواسطة الفعالية الإجتماعية. و في ضوء ذلك يمكن وصف و تحليل العلاقات بين عناصر الأنشطة الإجتماعية و الفكرية المختلفة لغرض إستخلاص الننائج و إثبات الفرضيات. وفي سياق إختبار المنهج المذكور (أي التقابل و التطابق) أكدت النتائج إنه في مقدمة الأساليب البحثية العلمية التي تساعد على تتبع , ببساطة, نمط العلاقات الإجتماعية القائمة او التي تنشأ تحت ظروف موضوعية خاصة بين عناصر مختلفة و متباينة و تأثير كل منها في الأخر. ولابد من القول ان المنهج المذكور ليس بديلا لمناهج اخرى ثبتت علميتها, و إنما هو, وفقا لمنطقه و بساطة التعامل به و معه يمثل أنسب الطرق البحثية التي يمكن الإستعانة بها كطريقة قياس عامة و تجريدية للتأكد من صحة النتائج البحثية و العلمية و إمكانية إختبارها بسهولة و بساطة في حقول العلوم الإجتماعية و على الأخص في الحقول المعنية بالإنتاج الفكري و الثقافي. الشكل (1) وبمعنى أخر, أن منهج التقابل و التطابق يمكن أن يستخدم 1) كأداة لتقييم موضوع دراسة , أو تقييم المناهج المستخدمةفي تقييم الموضوعات المعنية بالدراسة. 2) و التأكد من مدى كفائتها في صياغة الفرضيات و قياسها. أي إنه منهج قياس فاعلية المناهج البحثية و قدرتها الميدانية (الإمبيريقية) لغرض إستخلاص النتائج العملية و العلمية الصحيحة. و بذلك فإنه يتقدم مرتبة على المناهج البحثية , على سبيل المثال, التي تصدت لدراسة «الديمقراطيات المطبقة» و الاصول و المرجعية النظرية (الأيديولوجية) و أصول فرضياتها. إنه ينطلق من صيغ التجريد العام لمضمون فكرة الديمقراطية بإعتبارها إنجاز إنساني حضاري نمت و ترعرعت ليس في رحم الأيديولوجيات المتعا قبى (المتصارعة) و إنما هي (أي الديمقراطية) أحد نتائج التطور الطبيعي التاريخي لمسار حركة و تطور الإنسان الإجتماعي و الفعالية الفكرية الإجتماعيةالمادية. ان معيار موضوع البحث يتحل في منهج التقابل و التطابق الى اداة قياس منهجية فعالة في الحكم على النتائج الأولية و النتاج النهائية لاي بحث, و يحدد سياق التعامل مع كل عنصر من عناصره المستهدفة في الدراسة و التحليل, كما هو الحال في بحثنا هذا « التقابل و التطابق في المنطق الديمقراطي». وزيادة في الإيضاح, يمكن الإشارة الى إنه, أي التقابل و التطابق: اولا, يمكن أن يعتمد كمنهج و اداة للتحليل. بفعل دينامية النموذج و مكونات الفعالية الأجتماعية التي انضجت الشروط الموضوعية لتطور فكر الإنسان عن نفسه و عن العالم المحيط به: أنظر نموذج رقم (1) المرفق مع البحث. وبفعل بساطة تعامله مع الوقائع و كيفية دراسة تفاعلها مع الظواهر المعنية بالبحث. و ثانيا, يمكن أن يستخدم كأداة إختبار لنتائج البحوث المنجزة و التأكد من مدى صحتها من عدمه. وفوق هذا يمكن الإشارة الى إنه يصعب القبول او التعامل مع اي منهج في العلوم الإجتماعية على الأقل ان لم يتم إختباره ميدانيا (إمبريقيا) لدراسة ظواهر معينة او حل إشكاليات علمية و عملية ايا كانت بسيطة او معقدة. و إذا اخذنا الموضوع الذي نحن بصدده اي « التقابل و التطابق» كمثال للتطبيق في دراسة المنطق الديمقراطي وفقا للنموذج الذي اعتمدناه. نجد ان العملية الديمقراطية ترتكز الى خمسة عناصر اساسية, تلك هي: موضوعة الديمقراطية, القوى الديمقراطية, الممارسة الديمقراطية, و المواقف الديمقراطية, أما العنصر الخامس فإنه يتمثل في الإنسان ذاته. و العناصر المذكورة جميعا تتفاعل فيما بينها, تتطابق أحيانا و تتناقض في احيان اخرى (انظر شكل -1). وقد اعتمد الانسان (بإعتباره محور العملية التاريخية – الإجتماعية) معيارا لضبط سلوك العناصر الأربعة و الحكم على القيم التي تمثلها , و بالتالي تقييم نتائج الممارسة الديمقراطية في مجتمع ما. و مع أن العناصر الأربعة تبدو و كأن كل منهما يمثل مرجعية للعنصر الأخر في الممارسة الديمقراطية. و لكن في حقيقة الأمر أن كل عنصر منهاا يمثل نسقا سلوكيا خاصا به. و وفقا لسياق و منطق نموذج التقابل و التطابق نجد أن العناصر المذكورة تبدو و كأنها تعمل وفق ألية ميكانيكية في مظهرها العام , و بألية جدلية في منطقها الخاص. و بمعنى أخر , إن الحديث عن الممارسة الديمقراطية الحقة يقودنا الى الحكم المباشر على وجود او تحقق الديمقراطية. و بالمقابل اذا تحدثنا ايضا عن تحقق الديمقراطية فإنه يقودنا للحكم على صحة الممارسة . و هكذا تبدو العلاقة في مظهرها العام وو كأنها تعمل وفق الية ميكانيكية صرفة. و لكن عندما تدقق في طبيعة العلاقات بين العناصر المذكورة الناتجة عن التفاعل بين كل عنصر و أخر, او بين العناصر جميعها, نجد ان العلاقات بينها تأخذ صيغ اخرى اي صيغ جدلية , كعلاقة الديمقراطية مع القوى في حالة تمثل كلاهما للأخر او العكس(انظر النموذج المركب). وكما اشرنا يمثل التقابل و التطابق منهجية بسيطة, تستند الى فكرة واضحة تلك هي: تقابل فكرة ما مع واقعة إجتماعية و النتائج المترتبة على تفاعلهما. و وفقا لسياقات منطق النموذج في هذه الدراسة (شكل - ) أن موضوعة الديمقراطية تكتسب قيمتها و صفتها عندما تتحول الى فصل إجتماعي (عبر المواقف التي تتخذها القوى الديمقراطية). يتكون النموذج المعني من خمسة عناصر. اربعة منها ترتبط بعلاقات جدلية فيما بينها, و في الوقت ذاته ترتبط العناصر المذكورة بعلاقات مع العنصر الخامس , الذي يمثل محور النموذج و معيار لتقييم فاعلية العناصر المذكورة تفاعلا و سلوكا وفق ميكانزم تراتبي , يكشف عن اهمية و قيمة كل عنصر عبر علاقىته مع الاخر سلبا او ايجابا.