المال عند العربي قبل الأسلام, أهميته, وسائل استعماله, وأثره على مجتمع شبه الجزيرة العربية

Abstract

المقدمةيتناول هذا البحث (المال عند العربي قبل الاسلام, أهميته, وسائل استعماله, وأثره على مجتمع شبه الجزيرة العربية). فمن الواضح أن قبائل شبه الجزيرة العربية قد عرفت معنى المال, حيث أن له مفهوماً اوسع وأشمل من مفهوم الدينار والدرهم, وهو في نظرهم يشمل كل مايمتلكه الرجل من دينار, ودرهم, وثروة حيوانية, وعبيد, وبيوت, وأثاث, ومصانع, وغيرها من الأشياء الأخرى.وعلى هذا الأساس فقد حرص عليه الفرد العربي قبل ظهور الاسلام وبشكل كبير, مما أدى لتعزيز مكانته بين قبيلته, كما حاولت كل قبيلة أن تكون مهابه بين القبائل الأخرى من خلال امتلاكها لتلك الأموال, فحاولت بشتى الوسائل الحصول على هذه الأموال, واستخدام كل مايوصل اليها, وعلى هذا الأساس راحت العرب تمجّد كل من امتلك هذه الاموال نثراً وشعراً. إن كل تلك السمات والصفات التي اتسم بها الفرد العربي من أجل تحقيق الوصول الى تلك المكانة السامية العالية من خلال امتلاكه للأموال الطائلة, جعلت الباحث يختار تلك الدراسة الشاملة, وهي قلّما أشار اليها الباحثون أو أغفلوا عن قسم, أو جانب منها لذلك اخترت هذا الموضوع للدراسة. شملت هذه الدراسة سبعة محاور رئيسية :تطرقت في المحور الأول: الى أنواع المال وطرق جمعه قبل الاسلام, حيث شمل أنواعاً وطرقاً عدة, منها أموال الغزوات والحروب, ثم مال الدّية المدفوعة عن القتيل, ثم مال المكاسب والتجارة, ثم المال الناتج عن تربية المواشي, ثم مال المحاصيل الزراعية, ثم مال القنص والصيد, ثم مال بيع المنتجات الصناعية, ثم الأموال المدفوعة لرجال الدين, ثم الاموال التي يتم الحصول عليها عن طريق الكسب غير المشروع. وتناول المحور الثاني لهذه الدراسة: الأهمية الاساسية لجمع المال عند العربي وسعيه الحميم نحوه.أما المحور الثالث: اوضحت فيه قيمة وهيبة الفرد العربي بما يمتلكه من المال.أما المحور الرابع: فقد سلطّ الضوء على حب العرب قبل الاسلام لثنائهم وفخرهم بما يمتلكونه من أموال.وتركزت الدراسة في المحور الخامس: الى نظرة الفرد العربي لحقوق أهله وأقاربه وذويه من تلك الاموال.أما المحور السادس: فتطرق الى ظاهِرَتَي الكرم والبخل, وموقف الفرد العربي منها قبل الاسلام.وتطرقت الدراسة في محورها السابع والاخير: الى أنفَة العربي وترفعه عن السؤال والاستجداء. وفي نهاية البحث تناوَلَت الخاتمة أبرز النتائج التي توصل اليها الباحث.ان تلك الدراسة بمحاورها السبعة قد اعتمدت على مجموعة مصادر عربية قديمة, تاريخية وجغرافية, فضلاً عن المراجع الثانوية الحديثة.فمن بين تلك المصادر العربية القديمة التي اعتمد عليها البحث, هو كتاب الأغاني لمؤلفه أبي الفرج الأصفهاني (ت356هـ) لاسيّما الجزء الثاني والعشرون, حينما تحدث فيه عن أموال الدّيات ومقدارها, فضلاً عن الاجزاء الاخرى, كالجزء الثالث الذي تحّدث فيه عن ممارسة المهن وكسب الأموال منها, وكما تحدَّث في الجزء الثامن عن جمع الاموال من الكسب غير المشروع, وكما تطّرق لعدد من الابيات الشعرية لشعراء تحدثوا عن جمع الثروات المالية. ومن بين المصادر الأخرى المُستخدمة أيضاً هو كتاب العقد الفريد لمؤلفه ابن عبد ربه (ت328هـ), والذي تطرّق للمهن الصناعية التي درَّت على أصحابها أموالا لاسيما في الجزء الأول, فضلاً عن اشارته الى حب العربي للمال, الذي يجلب الشهرة لصاحبه, علاوة على اشارته لظاهرة الكرم بصورة واضحة, وكما أشار لأبيات شعرية لعدد من الشعراء توضح تلك الظاهرة الحسنة.ومن بين المصادر اللغوية الأخرى التي أفادت البحث هو كتاب الأمالي لمؤلفه ابو علي اسماعيل القالي (ت356هـ), حيث أشار لأهمية مال الغزو, فقد تطرق لعدد من الشعراء في هذا الجانب, لاسيما في الاجزاء الثاني والرابع, وكما أشار أيضاً لمال الدية ومقداره, وكذلك مال الزراعة , لاسيما في جزءه الأول, كما تطرق لظاهرة الكرم أيضاً. ومن المصادر اللغوية الاخرى هو لسان العرب لمؤلفه ابن منظور (ت711هـ), فهو قاموس واسع ودقيق, فضلاً عن كونه موسوعة تاريخية علاوة على استخدامه للكثير من الشعر والشعراء لأصحابه. أما بالنسبة للدواوين الشعرية فكانت خير عون ومنهل للباحث, حيث تُعدّ من أبرز المصادر المُستخدمة في البحث, كما قيل (الشعر ديوان العرب), حيث أفدتُ من ديوان الحماسة لأبو تمام حبيب بن أوس, وديوان عنترة بن شداد, وديوان الحُطيئة, وديوان الاعشى, وديوان عروة بن الورد , وديوان طرفة, وديوان عُبيد بن الأبرص, حيث ان هذه الدواوين قد أشارت بصورة واضحة الى المال وأهميته عند العربي, وطرق جمع الأموال للأفراد والجماعات, من خلال ذكر نماذج لأبيات شعرية مَجَدّت أصحاب الثروات المالية فضلاً عن ذكر سلبيات بعضهم. أما فيما يخص المراجع الثانوية الحديثة فقد اعتمد البحث على مجموعة مراجع منها كتاب الأعلام لمؤلفه خير الدين الزركلي, حيث أشار لعدد من الأسماء البارزة ممن امتلكوا الثروات والأموال الهائلة في منطقة شبه الجزيرة العربية والتعريف بها.ومن بين المراجع الثانوية الأخرى كتاب المُفصّل في تاريخ العرب قبل الاسلام لمؤلفه الدكتور جواد علي, فهو أفضل من كتب عن تاريخ العرب قبل الاسلام, بأجزائه العشرة, حينما اوضح لنا أهمية المال, لاسيما عندما تطرَّق الى بلاد اليمن وثرواتها وأموالها, فضلاً عن اشارته لأصحاب المهن الصناعية وطبقاتهم في المجتمع العربي قبل الاسلام, حينما تحدث عن ذلك من خلال اجزاءه الخامس والسابع.ومن بين المراجع الثانوية الأخرى التي أفادت البحث كتاب أعلام النساء في عالَمَي العرب والاسلام لمؤلفه عمر رضا كحاله, ودراسات في تاريخ العرب لمؤلفه السيد عبد العزيز سالم, وأيام العرب في الجاهلية لمؤلفه محمد احمد جاد المولى واخرون, حيث أمّدتني تلك المراجع بمعلومات لابأس بها عن الثروات والأموال, فضلاً عن صفات أصحاب الأموال, وطرق جمعهم لها, وذكرهم لنماذج من أصحاب تلك الثروات. ولامجال لذكر تلك المصادر والمراجع بصورة مُفصلة فقد أوردتها في نهاية هذا البحث بصورة تفصيلية لمن أراد الاطلاع عليها والافادة منها. ارجو من الله العلي القدير أن اكون قد وُفقتُ في تلك الدراسة المتواضعة.