شاهنامة الفردوسي دراسة تحليلية وتأريخية

Abstract

إن من يتصفح الأدب الفارسي قديمه وحديثه يجده زاخراً بالعديد من الأعمال الشامخة التي تقف مرفوعة الهامة أمام روائع الآداب العالمية , وإذا كانت الفرصة لم تسنح بصورة كافية للقارئ العربي لكي يطلع على هذه الكنوز الزاخرة , فهذا يعود إلى تركيز مثقفينا على التوجه بأبصارهم صوب مغرب الأرض تاريخاً وحضارة وفكراً , ولو اهتم بعض هؤلاء المثقفين بتوجيه جزء من جهدهم صوب مشرق الأرض لوجدوا الشرق غنياً بكنوزه الفكرية وبإبداعه الفني الذي يقف شامخ الرأس أمام الغرب الفكري بل سيكتشفون ان كثيراً مما يتفاخرون به الآن يكون مرجعه إلى الشرق .
إن الأدب الفارسي مثله في ذلك مثل بقية الآداب الشرقية التي تزخر بالعديد من الروائع الفكرية التي تمتع القارئ وتوسع دائرة ثقافته ومعارفه , إذ ان كلا من هذه الروائع جديرة بدراسة مستفيضة تقع في عدة مجلدات كما هو الحال في شاهنامة الفردوسي ورباعيات الخيام ومثنوي جلال الدين الرومي وأدب سعدي الشيرازي ، وغيرها من الروائع .
وهنا لابد لي ان أسلط الضوء على واحدة من روائع الأدب الفارسي ألا وهي شاهنامة الفردوسي لأنني مهما كتبت في هذه الصفحات عن الشاهنامة ومؤلفها الفردوسي فأني لا اوفي حقهما "أذ احاطت الأساطير بحياة ابي القاسم الفردوسي الشاعر العبقري الذي نظم الشاهنامة بصورة تجعلنا بعيدين عن الإلمام بتفصيلات كثيرة عنه ،
والذي نعرفه انه أكمل نظم الشاهنامة في اواخر القرن الرابع الهجري وقدمها الى السلطان التركي محمود الغزنوي . وتوصف الشاهنامة بأنها ملحمة الفرس القدماء وليست غيرها من الملاحم المعروفة في الاداب القديمة ، لانها لا تتناول موقعة محدودة ، او تصور فترة قصيرة من الزمن ، كما انها ليست رواية لحادثة واحدة بل هي سجل لحياة امة بأكملها" (1)
وقد ظفرت اللغة العربية بالعديد من الدراسات والأبحاث التي دبجت عن الشاهنامة كما حظيت اللغة العربية بترجمة مختصرة لها قام بها الفتح بن علي البنداري سنة 620هـ وقد اشرف الدكتور عبد الوهاب عزام على تحقيقها ونشرها في جزأين بالقاهرة سنة 1932 .