Johnson's Rasselass and the Search for Happiness: Reflections on the Optimism of the Enlightenment

Abstract

رزالس والبحث عن السعادة حكاية للكاتب الأنكليزي الساخر صموئيل جونسون: أنعكاسات علىتفاؤلية عصر التنوير

التفاؤلية هي النزوع الى رؤية الجانب المشرق من الأشياء وهي الأيمان بالطبيعة الخيرة والعقلانية للأنسان و بحقه في التمتع بالسعادة. سادت هذه النظرية أوربا في القرن الثامن عشر او مايسمى بعصر المنطق اوعصر التنوير. أعتقد مفكري هذا العصربأن السعادة ليست مجرد جائزة سماوية يحصل عليها الأنسان في الحياة الآخرة وانما هي حقيقة مادية دنيوية تخضع لقوانين الطبيعة. من هذه النظرية استنبطت نظريات العصر التي تنادي بالحرية والديمقراطية والأشتراكية والعلمانية و تسعى الى تحقيق سعادة سماوية للأنسان عل سطح هذه الأرض والتي لم تلبث ان تحولت الى جحيم . واجه المحافظون ومنهم الكاتب والناقد الأنكليزي صاموئيل جونسون هذه النظرية بالتشكيك واعتبارها باطلة طالما أنها في الظاهر تركز على رؤية الجانب المشرق وتغفل حقيقة الواقع المظلم دون ان تحاول كشفه واصلاحه. حاول جونسون من خلال حكاية رزالس أن يدحض هذه النظرية التي سادت عصره بطريقته الساخرة المعهودة متساءلا عن المعنى الحقيقي للسعادة المثالية.

ماهي السعادة اذن؟ للأجابة على هذا السؤال يأخذنا الكاتب في رحلة أستكشافية للبحث عن المعنى الحقيقي للسعادة في اعماق النفس البشرية . تحمل هذه الرحلة في ثناياها هموم جيلا بأكمله- جيلا ينتمي الى عصرتكاد تكون فيه السعادة عنوان لا واقع. فرغم نظرته التفاؤلية ونظرياته التجددية الثورية التي طالت حتى الدين الاان السعادة فيه غاية لا تدرك وحاجة لاتشبع. و هذا ماأراد به الكاتب من تسميته المجازية للمكان الذي تنطلق منه أحداث القصة بـ "الوادي السعيد" وتسميته لبطل هذه القصة الأمير "رزالس" او "ريستلس restless" اشارة الى روحه القلقة الباحثة عن الحقيقة وهي اشارة رمزية الى روح العصراللاهثة وراء المزيد من المعرفة والكمال .

ففي طريق الرحلة من الحبشة غربا الى مصر شرقا، يلتقي رزالس بعدد من الشخصيات التي يعتقد بأنها تعرف المعنى الحقيقي للسعادة كالعالم والناسك والحاكم والفلاح والغني والشاب ليتضح له في آخر الرحلة بأن اي منهم لم يكن سعيدا حقا. فالعالم كان قد فقد عقله لأعتقاده بأنه الأله الحارس للكون . والناسك لم يكن الا هاربا متخفيا برداء الدين . والغني شقي بماله ارهقه خوفه من اللصوص. و الحاكم تتملكه لعنة السلطة وخوفه من الأعداء يؤرقه. والفلاح الذي يبدوا سعيدا في حقله هو في الحقيقة ذليل مستعبد من قبل صاحب الأرض. والشباب رغم زهوه بالقوة والحيوية فهو لايدوم فسعادته مؤقتة. ويبقى السؤال المطروح هنا بلا جواب. هل السعادة في العلم،أم في المال، أم في العمل، أم في السلطة، أم في الدين، أم في الشباب؟ يترك الكاتب الجواب للقارئ .

بهذا، يعكس جونسون رؤيته الناقدة لهذا العصرونظرياته المادية التي تومن ايمانا مطلقا بالعقل والمنطق وقوانين الطبيعة والتقدم من خلال تقديمه شخصيات رمزية تجسد كل منها واحدة من هذه المفاهيم التي يتضح ضعفها وعجزها عن تحقيق السعادة لنفسها و لللآخرين . وتزداد هذه الرؤية مرارة وسخرية عندما نبحث في الأسباب الشخصية وراء كتابة هذه القصة. فالرحلة بحد ذاتها هي رحلة رمزية جدلية وتأملية يخوضها الكاتب في أعماق نفسه بحثا عن المعنى الحقيقي للسعادة الذي فقده بسبب السنين الطويلة من الوحدة و الجوع والفقروعجزه عن تسديد حتى نفقات دفن والدته رغم مكانته الأدبية المرموقة التي كان يتمتع بها .حيث يمثل مشهد الموت المتجسد بالأهرامات والقبورفي نهاية القصة وقفة تأملية في معنى السعادة ليس للأمير فحسب بل للكاتب ايضا ليثير المزيد من الأسئلة.فهل السعادة نسبية أم مطلقة؟ هل هي ابدية كهذه الأهرامات أم هي فانية زائلة بزوال أصحابها الراقدين في القبور ؟ واذا كانت السعادة فانية فلماذا نسعى ورائها لاهثين؟ هل للسعادة زمان او مكان؟ أم هي موجودة في كل زمان ومكان وكل ما علينا هو البحث عنها في داخل أنفسنا أولا؟

لقد أختارت الباحثة هذه الحكاية موضوعا للبحث والدراسة نظرا لأهميتها كعمل أدبي نثري يجسد أدب عصرالتنوير في النصف الثاني من القرن الثامن عشربموضوعاته وتساؤلاته واساليبه النقدية الساخرة والجدلية. الهدف من البحث هو تسليط الضوء على ادب عصر التنوير ونظرته التفاؤلية عن طريق عرض و تحليل رؤية صاموئيل جونسون النقدية لهذا العصرالتي يعكسها من خلال عمله الروائي الوحيد رزالس . يتناول البحث مقدمة عن عصر التنوير وأهم مافيه من تطورات علمية وحركات فكرية أثرت على المناخ السياسي والنفسي والتربوي والأدبي في تلك المرحلة. يعرف البحث كذلك مفهوم التفاؤلية أو مفهوم السعادة المثالية الذي تميز بها هذا العصرو يوضح التغيرات التي طرأت على الأدب وتحوله من الشعر الى النثر. كما يقدم البحث نبذة عن أهم أعمال الكاتب صاموئيل جونسون مع تسليط الضوء على حكاية رزالس وتحليل ابعادها الرمزية التي تجسد فكر الكاتب وصراعاته . ينتهي البحث بأستنتاجات تؤكد أهمية هذه الحكاية ودورها في تجسيد ادب التنويرونظرته التفاؤلية في بناء عالم مثالي.