مكانة البلاغة العربية ضمن مناهــج لنقد الحديثة (المنهج الفني) انموذجا

Abstract

إن الإبداع الفني يقتضي مُثلاً جمالية ، وأصولاً فنية ، يمتح من معينها المبدع ، ليصل من كل ذلك إلى مستوى من الحسن والجودة ، يعتقد به أنه سيترك أثراً في المتلقي ، لأن الغاية من إتقان أي عمل فني إنما هي الوصول إلى المستوى الأبلغ والأجود ، وكل ذلك بهدف التأثير في المتلقي . ذلك أن الهاجس الذي يدور في خلد المبدع إنما هو الوصول إلى أقوى تركيب ، وأفخم لفظ ، وأجمل بيان تتحقق مثـلُ هـــذه المُثـل الجماليـة في العمــل الفني – وليكـن النـص الأدبي مثلاً – بإتباع قوانين معينة ، وأساليب محددة تكون كفيلة بتوفير طاقة جمالية تعمُّ النص الأدبي من أوّله إلى آخره ، طاقة جمالية تشع من ألفاظه ، ومعانيه . أما هذه القوانين وتلك الأساليب فيراد بهما فنون البلاغة العربية ، لأن البلاغة هي ذلك العلم الذي يحدد الهيئة التي إن استوت عليها مكونات النص بانَ حسناً جميلاً ، فهي التي تهتم بجودة اللفظ وصحة المعنى ، كما تهتم بوسائل التأثير التصويرية والموسيقية ، وهي المرآة التي تعكس مستوى الإبداع الخلاق (1) . فالبلاغة العربية فنون جمالية ، وأساليب بيانية ، وما النقد الاضبط وتقدير لهذه الفنون والأساليب ، حتى يصح أن يقال مجازاً : إن البلاغة تشمل جانباً كبيراً من علم الجمال في بنية الكلام عند العرب ، وليس المقصود بعلم الجمال حين يُقال إن البلاغة تشمل جانباً كبيراً منه أن يكون الإبداع الفني معتمداً على قوانين مُعدّة مُقدّماً ، إذ المبدع لا يتلقى تعليمات عن الهيئة التي يفترض أن يكون عليها فنه ، ولكن ، في الوقت نفسه ، يجب ألا يكون العمل الفني نشاطاً اعتباطياً خالياً من أي هدف أو قانون (2) .وكذلك النقد ، إنما هو نظر في علم الجمال ، نظر في المعايير البلاغية التي إن تحققت في أي نص فني ، وحازت إعجاب ذوق الناقد كان الحكم بالجودة، وإن اختلت مستوياتها كان الحكم بالرداءة (1) .