احتلال العراق وتداعياته الإقليمية

Abstract

كان للصراع الدولي على مناطق النفوذ الكبرى في العالم إنعكاساً حتمياً على أوضاع منطقة الشرق الاوسط والمنطقة العربية بشكل خاص، فلا يخفي ما لهذه المنطقة من أهمية ستراتيجية عالية تجعل منها بؤرة للتوترات والتنافس الشديد بين القوى الدولية للهيمنة عليها.
وقد كان للأحداث الدولية من انهيار الاتحاد السوفيتي وبروز القطبية الأحادية وانفراد الولايات المتحدة بزعامة العالم، وأحداث 11/ايلول ونتائجها وتحولاتها بالغ الاثر على تلك المنطقة، وبالنسبة للولايات المتحدة كونها القطب الوحيد عالمياً والمهيمن على السياسة الدولية فأن احداث 11/ ايلول لم تكن مجرد عملية استهدفت الأمن الامريكي بل مثلت نوعية مهمة من اشكال الصراع الدولي وتحدي خطير وضع الولايات المتحدة أمام نقطة تحول حاسمة (أما ان تثبت وجودها وتعزز هيمنتها على الساحة الدولية أو ان يصبح أمنها القومي عرضة للتهديدات الخطيرة).
وكان من ابرز نتائج هذا الحدث المهم ان قادت الولايات المتحدة حربها على ما بات يعرف بالأرهاب الدولي بدءاً من افغانستان ومروراً بالعراق.
ويعد العراق من بين اكثر دول المنطقة العربية والشرق الاوسط اهمية بالنسبة للسياسة الاميركية وذلك لاعتبارات عديدة اهمها الموقع الجغرافي والاحتياطي النفطي لذا كان من الأكيد ان يدخل العراق ضمن دوامة الصراع والرغبة الاميركية في الهيمنة وبسط النفوذ في المنطقة لتحقيق مشروع ستراتيجي مستقبلي يهدف الى اخضاع معظم الاطراف التي تتمتع بمزايا وامكانيات وثروات الى نفوذها بشتى الوسائل.
ان المتتبع لمسارات السياسة الاميركية سوف يلاحظ بلا شك ازدياد الاهتمام الاميركي بالمنطقة العربية لأسباب اساسية اهمها ضمان الأمن والمصالح الاميركية وبخاصة مصادر الطاقة واحتواء أي تدفق غير منضبط لهذه المصادر والمحافظة على توفير مستوى مناسب من السلامة لقواتها وحلفائها ومصالحها العليا وتعزيز ودعم قواعدها العسكرية المتواجدة في المنطقة ومنع أي تهديد مستقبلي من شأنه نشوء او اندلاع صراعات اقليمية تهدد مصالحها الاستراتيجية فضلاً عن هدف رئيس يتمثل في ضمان أمن (إسرائيل) باستمرار والتمكن من فرض رقابتها الصارمة عن قرب فيما يتعلق بانتشار الاسلحة غير التقليدية في المنطقة.
لقد مثل احتلال العراق وتغير النظام فيه نقطة تحول جوهرية في حاضر المنطقة ومستقبلها فتداعيات هذا الحث لم تقتصر على العراق فحسب بل تعدته لتشمل اجزاء النظام الاقليمي العربية وغير العربية، فلم تسلم اية دولة من ابعاد المتغير العراقي سواء كانت ايجابية او سلبية، لذا فأن كل دولة من دول جوار العراق وباقي دول المنطقة راحت تسيير سياساتها الخارجية وحتى الداخلية على نحو جديد منطلقة من ادراك مهم مفاده بأن العراق سيكون حاضر في مراحل تكوين النظام الاقليمي الجديد الذي تنشده الولايات المتحدة وعلى مختلف المستويات سواء كانت سياسية او اقتصادية او أمنية.