TY - JOUR ID - TI - الحركة التعاونيه بين التداعي والطموح AU - PY - 2015 VL - 2015 IS - 6 SP - 75 EP - 92 JO - Journal of Baghdad College of Economic sciences University مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة SN - 2072778X 27895871 AB -

يواجه العراق تحديات خطيرة ومصاعب جمة في سعيه لإعادة البناء والتنمية الشاملة والتي تتطلب بالتأكيد حشد كافة الجهود والطاقات لمواجهتها والتغلب عليها .. وقد أثبتت تجارب وخبرات بلدان العالم أهمية الحركة التعاونية الفائقة ودورها الكبير في الإسهام بحل المشاكل المهمة والمعقدة كتطوير الزراعة وحل مشكلة السكن وتنظيم التجارة الداخلية وتعزيز الصناعات الصغيرة والحرفية وتوفير فرص العمل على نطاق واسع وتبني مختلف الحلول الإقتصادية والإجتماعية لمشاكل المجتمع الأخرى .بالفعل ورثنا من العهد المباد حركة تعاونية محطمة ومتخلفة ، تحولت على مر السنين - على الرغم من بعض الإنجازات - الى مجرد واجهة سياسية للنشاط الحزبي والى مرتع خصب لأزلام النظام البائد وفلوله .. وكان المفروض أن يؤدي سقوط النظام الدكتاتوري الى إعادة النظر جذرياً بالواقع التعاوني وإصلاحه وإعادة بناء الحركة التعاونية بما ينسجم والواقع الجديد ووضع كافة إمكانيات وأفضليات العمل التعاوني في خدمة الجماهير وبناء المجتمع .. إلا أن الآمال والتطلعات قد تبخرت كلياً وتراجع النشاط التعاوني بكافة أشكاله وميادينه من سئ الى أسوأ ، والأسوأ من هذا وذاك هو هيمنة مافيات المرتزقة والنفعيين والدخلاء على ما تبقى للتنظيمات التعاونية من وسائل وإمكانيات واستشراء الفساد المالي والإداري في كافة مفاصل ومستويات الحركة التعاونية بشكل لم يسبق لةَ مثيل وسيادة الشللية والوصولية والمصلحية على العلاقات التعاونية والتي أفرزت قيادات مشبوهة من أصحاب الفساد والتاريخ الملوث استطاعت بسهولة من إغتصاب القيادات التعاونية على كافة المستويات .من ناحية أخرى فقد اصطدمت جهود التعاونيين المخلصين لإيقاف تداعي الحركة التعاونية وإنقاذ التنظيمات التعاونية وإصلاح الواقع التعاوني بجدار قوي من مافيات المرتزقة والطامعين بالثروة التعاونية.. واستطاع هذا البعض بالفعل في غياب الدولة والقانون وشراء الضمائر عن طريق الرشاوى والأطماع واتساع العلاقات المشبوهة من تعزيز هيمنة العناصر الدخيلة والفاسدة على الواقع التعاوني واحتكارها للمواقع القيادية الأولى في التنظيمات التعاونية ومنع تحقيق مساعي الإصلاح والتطوير وبالتالي وضع النشاط التعاوني والحركة التعاونية أمام طريق مسدود وسط حالة مريرة من الشلل والعجز التام عن أداء دورها في خدمة المجتمع والقاعدة الجماهيرية العريضة .. ولعل ما يزيد في خطورة القضية التعاونية وتعقدها هو حالة التجاهل التي قوبلت بها هذه القضية خلال الاعوام الماضية من رجال الحكومة وأعضاء مجلس النواب والقيادات السياسية والدينية وعجزها عن التصدي لها بروح المسؤولية الوطنية ومصلحة المجتمع ، ولعل هؤلاء المسؤولين لا يدركون بأن سكوتهم وتجاهلم لما يهم مصلحة الجماهير وهم في مواقع سياسية وتنفيذية مهمة هو مشاركة حقيقية للمفسدين في فسادهم وتستر واضح على جرائمهم واستحواذهم على المكاسب والإمتيازات اللامشروعة وتشجيع لهم على التمادي في تجاوزاتهم وإضرارهم الشديد بالحركة التعاونية والمصلحة الوطنية مما يدل وبدون أدنى شك على غياب أو تدني الحس الوطني والشعور بالمسؤولية . ولو افترضنا جدلاً بان مواقف هؤلاء المسؤولين والسياسيين ناجمة عن جهلهم بأمور التعاون وإدراكهم لأهميته كجهلهم بالكثير من أمور السياسة والإقتصاد واحتياجات المجتمع وهذا ممكن جداً ، لكن جهلهم أو تجاهلهم لأمور الدين والشرائع السماوية حالة خطيرة وسلوك غير مقبول حيث يأمرنا الدين الإسلامي صراحةً بالتمسك بالتعاون الذي جعل منه واجباً ملزماً وليس فعلاً محبباً أو حالة جوازية ، بل وجعل الله تعالى صفات التعاون والتعاوني والمتعاون فضيلة كبيرة وفعلاً محموداً يرفع من صاحبه الى درجة الأخيار من عباد الله ... أمام هذا الواقع المتردي والفاسد تصبح ضرورة إنقاذ الحركة التعاونية من خطر الوقوع في الهوة السحيقة المندفعة نحوها بقوة مهمة وطنية كبرى لا تحتمل التردد أو التأجيل .. إننا اليوم وفي الوقت الذي نعيش فيه حركة التغيير بحاجة الى تضافر كل الجهود الخيرة والمخلصة لجميع العراقيين وفي مقدمتهم رجال الحكومة وأعضاء مجلس النواب والمنضوين في منظمات المجتمع المدني وغيرهم لتحقيق ذلك .. لكن قبل كل شئ فإن دعوتنا معنونة الى الجماهير التعاونية في كل العراق وخصوصاً الأغلبية الصامتة الحريصة على مصلحة عراقها العزيز وحركته التعاونية وضرورة انتقالهم الفوري من مقاعد المتفرجين الى مواقع المشاركين في الإنتفاضة الشاملة لإنقاذ حركتنا التعاونية واستعادتها لمكانتها الطبيعية ودورها الفاعل في خدمة تطلعات الشعب العراقي وآماله المشروعة في الرفاه والتقدم وما هذا البحث إلا محاولة متواضعة لوضع النقاط على الحروف بهذا الإتجاه والكشف عن ملابسات هذا الواقع المعقد وسبل إصلاحه ، وإنهاء حالة التجاهل والسلبية واللامبالاة الى الأبـــــد .. ER -