@Article{, title={المسؤولية الدولية عن مضار التلوث البيئي العابر للحدود}, author={ناظر احمد منديل}, journal={TIKRIT UNIVERSITY JOURNAL FOR RIGHTS مجلة جامعة تكريت للحقوق}, volume={1}, number={3}, pages={297-346}, year={2009}, abstract={كان للكوارث البيئية المتعددة والمتعاقبة التي شهدها عالمنا في السنوات القليلة الماضية دوراً هاماً ،في لفت الأنظار إلى أن تلوث البيئة ( ) لا يقف عند حدود دولة معينة، ولا يمكن تقديره على انه مسألة داخلية بحتة . وذلك أن النتائج المترتبة على النشاط الملوث، تنتشر مكانياً، من خلال العناصر البيئية المختلفة لتصل وتصيب أماكن أخرى مختلفة عن مكان النشاط مصدر التلوث وأحيانا بعيدة جداً عنه لذا فقد برز الاهتمام ببحث ومعالجة المشاكل البيئية الناجمة عن التلوث العابر للحدود، وعلى وجه الخصوص المشاكل القانونية التي يثيرها هذا النوع من التلوث ، وذلك على المستويين الداخلي والدولي ( ) .
وعلى الرغم من تعدد صور التدهور البيئي بتعدد واختلاف أسبابه فان التلوث ((pollution)) ( ) يظل المشكلة البيئية الأبرز والأخطر، ووصل الاهتمام به إلى الدرجة التي طغى فيها على كل قضايا البيئة ومشاكلها. ومع ذلك فان مسألة التلوث قد لا تثير إشكاليات قانونية هامة، إذا حدث فعل التلوث وتحققت نتائجه الضارة داخل إقليم دولة واحدة إذ تتولى التشريعات الداخلية في تلك الدولة معالجة المسالة في ضوء السياسة البيئية المطبقة داخل الإقليم الوطني لها ( ) .
غير أن المسالة تتعقد عندما تمتد آثار التلوث البيئي، لتلحق الأضرار بمواطني الدول الأخرى أو ممتلكاتهم أو عندما يحدث السلوك أو النشاط الملوث في إقليم دولة وتقع النتيجة الضارة أو تنتشر متجاوزة الحدود الجغرافية والسياسية للدولة لتتحقق في إقليم دولة أو دول أخرى ( )، وهو ما يطلق عليه في الفقه بـ (( التلوث العابر للحدود)) ( ) . لا تعتبر الأضرار الناجمة عن التلوث البيئي العابر للحدود ونظام المسؤولية بشأنها ، من اكثر الموضوعات دقة وتقيداً ويرجع ذلك إلى الاعتبارات التالية ( ) :-
1-حداثة المشكلات البيئية العابرة للحدود وفي ذات الوقت تشعب الأضرار المترتبة على ملوثاتها، حيث لم ينتبه الفقه القانوني لمشكلات التلوث البيئي وسبل مكافحته إلا منذ ما يقرب من ثلاثة عقود وقد ترتب على ذلك عدم استقرار معالم المسؤولية عن الأضرار بسلامة البيئة في نطاق القانون الدولي لحد ألان، وما يحيط بمسائلها من غموض وعدم تحديد، وذلك على الرغم من كثرة المجهودات الفقهية والدولية بشأنها . كما انه ليس من السهل كذلك، تحديد الضرر أو تقديره خاصة انه قد يستغرق وقتاً حتى تظهر أثاره كاملة. بل ان المسؤول عن النشاط الملوث قد يصعب تحديده بالنظر إلى أن مصدر النشاط الملوث غالباً ما يتواجد في عدة دول في ذات الوقت .
2-التقدم العلمي والصناعي المتسارع الذي يشهده العالم وكذلك الظروف الدولية الراهنة التي تتميز بتشابك مصالح الدول ووضع إمكانيات هائلة لدى البعض منها نتيجة استغلال الطاقة النووية وارتياد الفضاء كل ذلك ترتب عليه ازدياد مخاطر التلوث عبر الحدود إذ لم يعد من الممكن في ظل هذه الأوضاع ان تمنع دولة ما تأثر إقليمها بالتلوث الواقع في دولة أخرى وذلك مهما بعدت المسافة بينهما .
3- قلة النصوص القانونية والأحكام القضائية المتعلقة بالمسؤولية الدولية عن التلوث البيئي العابر للحدود في القانون الدولي العام . فإذا كان الالتزام بالمحافظة على البيئة قد صار أمراً لا يثير خلافا يذكر في النظم القانونية الداخلية وان هناك اتفاق على ضرورة معاقبة المخالف فان الأمر ليس كذلك في القانون الدولي . إذ يذهب البعض إلى القول بعدم وضوح القواعد الواجبة التطبيق على بعض ملوثات البيئة ويستند في ذلك إلى غياب أو انعدام القاعدة الصريحة التي تحكم ذلك، وان المبادئ التي تمت صياغتها في العديد من الاتفاقيات الدولية، قد جاءت عامة وتخرج بذلك عن كونها تضع قاعدة قانونية ذات طابع ملزم، ويكون من الصعوبة بمكان في ظل هذه الأوضاع، اعتبار تلك المبادئ مقننة أو منشئة لالتزام قانوني يقع على عاتق الدولة بحماية البيئة .

} }