TY - JOUR ID - TI - التلون في الخطاب الشعري في العصر العباسي الأول AU - كمال عبد الفتاح PY - 2013 VL - 9 IS - 34 SP - 49 EP - 94 JO - Surra Man Ra'a سر من رأى SN - 18131735 AB -

يعد العصر العباسي الأول من أهم العصور الأدبية التي وضح فيها الخطاب الشعري ، وكان علامة بارزة في المدونة الشعرية ، ومازال الباحث في هذا العصر يجد فسحة من البحث عن جوانب قد غفل عنها الباحثون ،أو لم يستوفوها حقها من الدراسة . وشاعت في الآونة الأخيرة الدراسات التي تحاول أن تعكس بعض المفاهيم الحديثة على مضمون الشعر واتجاهاته في ذلك العصر ، ولاسيما السياسية : كالإقصاء ، والتحريض ، والدعاية السياسية ، والترويج الإعلامي... ، وقد طرحت موضوعات تُعد من باب الأدب أو النقد الثقافي: كالآخر ، وصراع الحضارات ، والتعايش السلمي وغيرها من المفاهيم الجديدة التي أراد الباحثون منها أن يعكسوا ذلك على الشعر ومضامينه ، وبخاصة الشعر العباسي . إن موضوع التلون في الخطاب الشعري ومفهومه لم يكن من ضمن الموضوعات التي استحدثت في الوقت الحاضر ، بل كان متداولا في العصور السابقة ، من حيث الإجراء الشعري ، أما من حيث التأسيس للمصطلح نحسب أننا أول من اشتغل عليه في هذه الدلالة، ودلالة اللفظة عند علماء اللغة تقترب – بل تتوافق – مع دلالتها عند النقاد ، إذ ذكر الأصفهاني في ألاغاني عند حديثه عن بشار : (( كان كثير التلون في ولائه ، شديد الشغب والتعصب للعجم ))( ) ، فقد عدّ أبو الفرج التلون عند بشار في موضوع واحد وهو الولاء لما له علاقة بأصل الشاعر ، ولم يذكر تلونه في جوانب أخرى ، مما دفعني إلى الخوض في إجراءات المفهوم والبحث والتقصي عنه في المنجز الشعري للعصر العباسي الأول ، ووجدت هذه الظاهرة عند كثير من الشعراء متخذة عدة جوانب في أشعارهم ، فمنهم من كان من أصول غير عربية، ومنهم من تذبذب في مواقفه السياسية ، والدينية، والثقافية وارتبط التلون بالشعوبية ، والزندقة ، والصراع السياسي والمذهبي ، وتغيير المواقف ، وأضحى التلون سمة من سمات بعض الشعراء ممن لا يعرف له رأي ، أو موقف ، أو مذهب ، أو اتجاه سياسي ، فضلا على موضوعة التكسب بالشعر؛ الذي كان ديدن بعض الشعراء ، فنجدهم كثيرا ما ينقلبون على ممدوحيهم حينما يحرمون من العطاء .ولم تكن ظاهرة التلون مقتصرة على الشعراء الموالي – وان وضحت عندهم أكثر– بل انسحبت على بعض الشعراء العرب . إذ إن للخطاب الشعري الذي عبر عن تلك الظاهرة دلالته الواضحة في الدواوين وكتب الاختيارات والتراجم ، وعمد الكُتّاب والمؤرخون إلى ذكر سير أولئك الشعراء وعلاقتهم بالممدوحين ورجال عصرهم ، فضلا على انتمائهم السياسي وموقفهم من السلطة وتوجههم المذهبي ومناسبة القصائد التي دخلت من ضمن المنازعات, والمتغيرات السياسية ، والاجتماعية ، والمذهبية . وقد شكل الشعراء جزءاً من هذه الأدوات التي استعملت في تلك المنازعات ومن ثم أصبحت جزءا من التلون ، ودأب النقاد والكتاب المحدثون حينما تناولوا ذلك العصر في ذكر سير الشعراء وبخاصة موضوع الشعوبية ، والزندقة ، والصراع السياسي ، وعلاقتهم بالآخرين ، لكنهم لم يتطرقوا إلى موضوعة التلون ، بل عدوا ذلك نفاقا ، وانقلابا على مواقف سابقة ولم يلتفتوا إلى التلون ، حتى القدماء منهم لم أجد لهم إشارة غير تلك التي ذكرها الأصفهاني( ). وقد يكون النفاق وعدم الوفاء وتغير المواقف والانقلاب على الممدوحين جزءا من التلون ، ولكنه لم يعبر بصراحة عن سلوكية الشاعر العامة وتلونه وتقلبه وعدم استقراره على رأي ، لذلك جاء البحث ليواكب ويتقصى تلك المواقف من خلال القراءة الحفرية في المنجز الشعري العربي في العصر العباسي الأول . وقد قسمت البحث على ثلاثة مباحث جاءت على وفق المادة المتوافرة وهي التلون الاجتماعي ، والتلون السياسي ، والتلون المذهبي والديني وسبقتها بتمهيد للتعريف بمصطلح التلون والبحث في دلالته اللغوية والاصطلاحية فضلا على التعريف بمصطلح الخطاب الشعري . وقد تداخلت بعض المفاهيم في المباحث من خلال طرق أكثر من موضوع في المبحث الواحد لتقارب الإطار العام وماله علاقة به. ER -