TY - JOUR ID - TI - تطبيع العلاقات العراقية الإيرانية عام 1990 وحتى الوقت الحاضر AU - د. بيداء محمود أحمد PY - 2005 VL - IS - 17 SP - 130 EP - 147 JO - AL-Mostansiriyah journal for arabic and international studies مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية SN - 2070898X 27079775 AB -

وصلت مرحلة الصراع في العلاقات العراقية الأيرانية الى أوج حالاتها عندما نشبت الحرب العسكرية عام 1980 واستمرت ثماني سنوات أي حتى آ ب 1988 ، عندما أعلنت إيران موافقتها على قرار مجلس الامن 598 القاضي بوقف إطلاق النار ، لينتهي بذلك مسلسل الحرب الدموية الذي أوصل العلاقات الثنائية الى أسوء مراحلها ، وكذلك لتبدأ مرحلة جديدة وفرصة جديدة للبلدين لمراجعة شكل العلاقات بينهما .
لقد فرض الواقع الجغرافي للعراق وإيران كونهما دولتان متجاورتان ، والتداخل السكاني القومي والمذهبي أولاً ، ومن ثم ظروف الأوضاع الدولية ثانياً على كلا البلدين ضرورة التفاعل المستمر سلبياً و / أو ايجابياً . ولذلك كانت من ابرز سمات العلاقة الثنائية في هذه المرحلة هو التفاعل المشترك السلبي والايجابي وكانت الدوافع لذلك هي داخلية لدى الطرفين او خارجية اذ أملت ظروف البيئة الدولية على العراق وإيران ان يتعاونا وينسقا سياساتهما وخصوصا بعد ان أعلنت الإدارة الأمريكية في عهد بوش الأبن ان العراق وايران دولتان من دول محور الشر وهو جمع لثنائي كان قد استبقه انطوني ليك مستشار الامن القومي في عهد ادارة كلينتون تسعينات القرن الماضي عندما اعلن عن سياسة الاحتواء المزدوج تجاه كل من العراق وايران.
وبما ان الحاضر هو امتداد للماضي ، والمستقبل هو تباع للحاضر ، فان ارث العلاقة العراقية الايرانية خلال الفترات السابقة ، اوشك ان يتماثل حتى يكاد ان يعكس صورة واحدة تقريبا لم يلحقها التعديل الالماما ، ومن اوضح قسماتها طابع العداء والتصارع علنا او استتارا ، اما فقرات التعاون والتقارب فهي حالات من نوع الاستثناء فرضتها طبيعة الظرف الداخلي والخارجي .
لاشك ان طبيعة الظرف الخاص الذي كانت تمر به علاقات البلدين السابقة شكلت مدخلا باتجاه شكل العلاقات في هذه المرحلة ، فبعد نهاية الحرب العراقية الايرانية حاول كلا البلدين تصفية التركة الثقيلة التي خلفتها حرب شاملة أمتدت ثماني سنوات ، بيد ان المفاوضات التي بدأت بينهما منذ منتصف آب 1988 لم تحقق تقدماً يذكر على صعيد التسوية الشاملة (1).
على ان احداث اجتياح القوات العراقية للكويت في 2 آب 1990 ، وما تبعها من تدمير وحصار للعراق ، وما كانت تعانيه ايران من اثار اقتصادية مدمرة بسبب الحرب السابقة مع العراق ، كلها أدت لاحداث تحول جديد في شكل العلاقات الثنائية ، اذ تحولت العلاقات من اتجاه الصراع الى التقارب . وان كان تقارباً مشوباً بالحذر – اذ تبادل المسؤلون في الطرفين الزيارات الرسمية ، وكذلك شهد المجال الاقتصادي تقاربا وتعاونا ثنائيا .
واذ كانت ركائز مثلث العلاقات الدولية هي التنافس ، التعاون,الصراع ، اذ التنافس في القمة ، والتعاون والصراع في زاويتي القاعدة (2) ، فان التنافس بين العراق وايران افضى الى ان تطغى سمتي الصراع والتعاون على طبيعة العلاقات بينهما خلال هذه المرحلة.
وهنا فان السؤال الاساس هو ما الذي ادى الى الصراع ؟ وما الذي استدعى التقارب والتعاون؟
ER -