حقيقة لقاءات التفاوض وتوسل الحسين عليه السلام بأعدائه

Abstract

يتضح مما تقدم وبالدليل القاطع أن الشروط الثلاثة المزعومة المنسوبة إلى الإمام الحسينa لم تكن كما أوردتها بعض كتب التاريخ المغرضة، وإنما كانت عبارة عن مقترحين اقترحهما الحسينa، الأول: اقترحه على عمر بن سعد قائد جيش الأعداء، طالبا منه أن يتخلى عن مهمته ويلتحق به، وقد رفضه عمر؛ الذي كان يسعى وراء مكاسب الدنيا، وغير مهتم بأمور الآخرة. والثاني: اقترحه الإمام الحسين عليهم لكي يبرئ نفسه أمام الله من الدماء التي سوف تسفك في المنازلة؛ حينما اقترح عليهم أن يسمحوا له بالعودة اختبارا لنواياهم، ولكي يلقي الحجة الأخيرة عليهم. لكن هذين المقترحين تعرضا على يد الفصيل السياسي إلى تحريف كبير وتغيير اكبر، وتحولا إلى تلك الشروط المهينة التي تناولناها بالبحث وفندنا أصولها. إن هذا التحريف بحد ذاته، يدل على أنه لابد من وجود جهاز منظم كبير وخطير أخذ على عاتقه القيام بهذه المهمة الخطيرة والكبيرة، وبث كل تلك الأباطيل والأكاذيب في التاريخ الإسلامي، مرة من خلال الإغراء بالمال والمكاسب رهانا على الطمع وحب الدنيا، ومرة أخرى من خلال التهديد والوعيد، وثالثة من خلال ضغوطات العصبية والطائفية، ورابعة محاباة للسلطان ومحاولة لنيل رضاه، وهذا الجهاز هو الجهاز الإعلامي السياسي الخفي؛ الذي أوقع كل الخلط والتحريف المعروف في تاريخنا، وأدخل تحريفه إلى منظومة الدين، فتحولت إلى طقوس يتعبد بها البعض. ولذا يجب الانتباه الشديد في التعامل مع أي رواية، ولاسيما تلك التي تفوح منها رائحة السياسة.