دور البحث العلمي في دعم جهود التنمية البشرية في العراق

Abstract

يعد البحث العلمي ركيزة أساسية لرقي الشعوب وتقدمها ، نظراً لدوره الفاعل بتوظيف مخرجاته الفكرية والتطبيقية في تحسين الحياة الاقتصادية للمجتمعات والدول . إذ تشكل الدراسات العلمية المرتبطة بمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الفرد قاعدة رئيسية لانطلاق الأفكار العلمية التي تمثل البنية الأساسية للتنمية والتطور .وقد توجت جهود التنمية البشرية العالمية بانطلاق التقرير الأول للتنمية البشرية من قبل البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة عام 1990 من أجل تطوير المجتمعات وبخاصة في الدول النامية التي تعاني من الفقر والحرمان . فكانت مؤشرات التنمية البشرية تهتم بمجموعة من المجالات الحياتية التي تحفظ إنسانية الإنسان وتصون كرامته، إلا أنها ركزت على ثلاثة جوانب هي المستوى المعيشي ممثلاً بمتوسط الدخل الفردي ، والعيش الآمن ممثلاً بالسكن ، والحصول على المعرفة والتعليم ، إضافة إلى مؤشرات أخرى . وتتجلى قيمة وجودة البحث العلمي عبر ما يَنتج من أفكار وما يَطرح من آراء وما يَقدم من بيانات ومعلومات تخدم الدولة والمجتمع ، تؤدي إلى خلق منتج معين جديد، او لتحسين نوعية منتج قائم في المنشآت الصناعية سواء في القطاع العام ام الخاص. او ان يؤدي هذا البحث الى إضافة معلومات جديدة بشأن الظواهر الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية تساعد صانع القرار في اتخاذ إجراءات عملية مدروسة تفضي الى تحقيق معدلات عالية في مؤشرات التنمية البشرية المستدامة. الا ان المشكلة في بلد كالعراق وربما حتى في العديد من البلدان العربية الأخرى ستظل يواجهها الباحثون تتمثل في عدم تمكين المؤسسات البحثية من نقل وجهة نظرها المدروسة الى صانعي القرار والوصول إلى مستوى المبادرة التي يقدمها المسؤولون عن إدارة الدولة لدعم نشاط الباحثين وتحفيزهم على بذل المزيد من الجهد في البحث والتطوير. وتشير التجارب بأن الدول التي تدعم المبادرين الأكفاء من ذوي الأفكار المبتكرة والذين يتمتعون بجرأة وشجاعة في تنفيذ أفكارهم، قد نمت اقتصاداتها وازدهرت خلال العقود السابقة بمعدلات متسارعة، على العكس من ذلك، فأن الدول التي تضع العوائق أمام نمو هذا النوع من المبادرات البحثية قد مُنيت بمستويات مرتفعة من الفقر . ومما لا شك فيه ان البحث العلمي أصبح ضرورة اساسية لتطوير الحياة البشرية وتحسين أداء الفرد ، إذ لا تقتصر أهميته على الجامعة فحسب بل تمتد للمجتمع ككل، فضلاً عن أهميته الاساسية في سياسة الدولة، بيد ان هذه الاهمية تبقى مرتبطة بمدى وعي الدولة بأهمية البحث والمراكز البحثية، إذ يعد ذلك من المحددات الاساسية في مدى فاعلية البحوث العلمية التي تحتاج الى عدد من المتطلبات الرئيسة في سبيل نجاحها، لا سيما أن مستوى تطور البحث العلمي في العراق متواضع جداً نتيجة لعوامل عديدة أهمها عدم وجود رؤية واضحة واستراتيجية متبعة من أجل تطوير البحث العلمي ورفع نسبة الانفاق على البحث والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي .