الاستبداد السياسي في الأنظمة العربية وحدود الديمقراطية المفقودة

Abstract

مقدمة : على الرغم من إن الاستبداد بصورة عامة ، والاستبداد السياسي بصورة خاصة ظاهرة بشرية شهدتها مختلف المجتمعات في مرحلة أو أكثر من تاريخها سواء تخلصت منها بصورة جذرية او ترسبت بعض عناصرها في ثقافتها ، وأصبحت احد خواصها ومعلماً من معالمها ، إلا إن ظاهرة الاستبداد السياسي تكتسب طبيعة فريدة في الوطن العربي سواء في ماهيتها أو تحليلها والتعامل معها ، فهي ظاهرة متجذرة في الثقافة العربية تتمظهر في إشكال مختلفة وهي في الوقت نفسه ظاهرة لم تخضع للدراسة الشاملة المعمقة على الرغم من إن الجميع يرجعون إليها أسس الفشل والتخلف العربي والانحطاط الحضاري ، فمنذ إن وضع عبد الرحمن الكواكبي ( ) كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد عام 1902 لم تظهر أية دراسة تعالج هذا الموضوع بشمول ، فقد أسس الكواكبي قاعدة معرفية لدراسة الاستبداد والتعامل معه تقوم على إن الاستبداد في الواقع العربي ظاهرة سياسية المظهر ولكنها دينية وفكرية ومعرفية في أسسها وأصولها وتبدو وكأنها خاصية عربية وليدة تلك البيئة ولكنها في جوهرها غرس خارجي وجد تربة صالحة فأزدهر ، فالدول العربية تحددت حدود وجودها واستمدت شرعيتها الجغرافية من البيئة الدولية أكثر من البيئة الخارجية ، فتكونت شعوبها طبقا لخطط الخرائط فضلاً عن المحددات الاجتماعية المحلية ، ومن هنا فأن الحضور الخارجي يكتسب وضعية خاصة ويتميز بمحددات فريدة قد لاتوجد في مجتمعات أخرى بالدرجة نفسها ، فجدلية الداخلي والخارجي في أية ظاهرة سياسية عربية تستحق الفحص والتحليل حتى يمكن فهم الظواهر العربية فهماً مستقيماً يعكس حقيقة الواقع ويساعد على التعامل معه بصورة تؤدي إلى تغييره نحو الأفضل .