بنية الأداء التمثيلي التواصلي في العرض المسرحي

Abstract

يتأسس فعل التواصل الحي بين الممثل والمتلقي , على وفق اشتغال طاقة الممثل الأدائية المكونة من قدراته الجسدية والصوتية وكينونته الذاتية المتمثلة بقنوات التعبير الحسية . إن تلك القدرات تتميز ببث العلامات المركبة في قناة مشتركة , تعمل كمرسل فاعل لتحقيق غاية العرض التواصلية في إيصال الرسالة الفكرية والجمالية .وقد انطوى أداء الممثل في تشكيل قدراته الإرسالية على نمطين أدائيين مهمين , احدهما أكد على الحرفة الخارجية للممثل والعناية بتطويرها , والمرتبطة بالرعاية للنواحي الإلقائية والحركات والإيماءات التي تمثلها المدرسة التقديمية في التمثيل . وآخر اهتم بالحرفة الداخلية , من أفكار وإحساسات وانفعالات , وتمثلها الرسالة التشخيصية / الإيهامية في التمثيل ( ) .في ضوء ذلك التمايز , ومن خلال المراحل التاريخية التي مر بها الأداء التمثيلي منذ عهد الإغريق , مرورا بالتنظيرات الفكرية والجمالية , لمخرجين من أمثال ( ستانسلافسكي ) الذي عني بالمبادئ السيكولوجية في الأداء و ( برتولد برخت ) الذي توصل إلى مستويات أداء تعددت أنساقها في العرض المسرحي , عبر نظريته في المسرح الملحمي , مرورا بـ(آرتو) و (كروتوفسكي) و(بيتر بروك) و (باربا) وغيرهم كثيرون ظهر التباين التنظيري والتطبيقي في فن الأداء التمثيلي .وقد ظهر ذلك التباين في الأداء على وفق تلك الاتجاهات الفكرية والجمالية , فضلا عن تأثر الأداء التمثيلي بالمدارس والمذاهب المسرحية التي تختلف بطبيعة الحال في رؤاها الفنية والفكرية والجمالية , تبعا لتبني المخرجين لذلك الاتجاه أو المذهب المسرحي , في تشكيل رؤاهم الفنية ومن ثم تقديمها في إطار نمط أدائي متميز .من أهم بنيات عمل الممثل هو الإحساس والإيمان والصدق وتهيئة الوسائل الإجرائية والأدائية من جسد وصوت , من خلال التمارين العقلية والحسية والذاكرة والانتباه والتخيل والإحساس , وعقلنته وصولا إلى بنية جدلية قادرة على تفسير الدور من قبل الممثل وتجسيد الشخصية بالشكل الفني المؤثر بتوازن سلوكي جسدي ونفسي يضيفان زخما وقوة إلى التعبير الأدائي والجمالي منطلقا من إتيان أفعاله العقلية والنفسية بشكل مستقر ومتوازن ( ) . إن الممثل هو التجسيد العياني الملحوظ , لبنية الشخصية المسرحية المفترضة في شكلها الأدبي . ومن خلال مهمة الممثل الأدائية يتم ملء الفجوات الاشارية النصية إلى حالات درامية تشخيصية تتمظهر من خلال اتحاد مستويات الأداء الصوتية والجسدية وقنوات التعبير الحسية , على وفق غنى المخيلة الجمالية للممثل , والتي تنتج أساسا من فهم واع ٍ وتصور جدلي مع البنية النصية , ومن ثم تقديمها بمستوى أدائي معين .وبناء على تلك المعطيات الفنية والجمالية , التي تؤسس لعمل الممثل المسرحي , وأدواته الأدائية الفاعلة في إقامة التواصل مع المتلقي , فقد ظهرت الحاجة لهذه الدراسة , ومنها تحدد عنوان البحث الحالي .