الأزمة الاقتصادية في بلاد فارس 1917-1919

Abstract

تعرضت الأمم و البلدان إلى كوارث ومصائب تتسبب في هلاك آلاف البشر وتخريب المدن وعلى نطاق واسع ،وخلفت آثار سلبية كبيرة،ومثل هذه الكوارث، الزلازل والفيضانات والأمراض الفتاكة كالطاعون والجدري ،وكذلك القحط و الجدب والمجاعات فإنها أصابت جميع الدول، وتركت آثار عميقة في تاريخها ، وهذا ما أصاب بلاد فارس،في مدة حكم القاجاريين(1)، وبالتزامن مع بدء الحرب العالمية الاولى1914م-1918م .
وعدت هذه المجاعة نقطة فاصلة وحدث بالغ الأهمية في حياة الشعوب الفارسية ،لأنها كانت بحق إبادة جماعية ساهمت الطبيعة والإنسان بها ،فالأولى حبست أمطارها فأوجدت جفافا و جدبا أهلكت النسل و الضرع،والثانية (الإنسان) والذي تمثل بالهيمنة الاستعمارية من قبل أكبر قوتين دولتين حينذاك، وهما بريطانيا العظمى وروسيا القيصرية.
فقد أشارت المصادر التاريخية المستندة إلى الإحصائيات المحلية إلى أن تعداد السكان في بلاد فارس في بداية الحرب العالمية الأولى(1914م) كان يقدر ب 22مليون نسمة،ولكن مع وقوع البلاد في كارثة اقتصادية حادة،أنخفض عدد سكان البلاد ليصل إلى 11مليون نسمة،أي أن البلاد فقدت نتيجة للهلاك الواسع في تعدادها السكاني بحدود 8 إلى 10 مليون نسمة ،و هذا يعد رقما كبيرا في نظر أي قارئ ويصفه مباشرة بأنه رقما مبالغ فيه، على عكس أدعات بعض المؤرخين من الروس والانكليز بأن تعداد بلاد فارس كان قبل الحرب العالمية الأولى يقدر بعشرة ملايين نسمة ،وأنها لم تصل إلى 22مليون نسمة إلا بعد عشرات السنين.
في الوقت التي يؤكد فيه مورغان شوستر(2)( Morgan Shuster )، أن بلاد فارس لم تحصل على تعداد سكاني واضح خلال ستين عاما، عدا ما اعتمد عليه من تقديرات الأوربيين الذين كانوا مطلعين على أوضاع البلاد الداخلية ،وكانت تقديراتهم بين 12 مليون نسمة إلى 13 مليون نسمة ،ولكن حقائق الأمور و حجم الفاجعة التي آلمت ببلاد فارس، قد أفقدت الأخيرة هذه الملايين التي لم تكن تستطع توفير ما يقيتها من غذاء لليوم الواحد.
و يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ بلاد فارس،لأنها مست حياة ملايين البشر من سكانها و أهلكت الملايين ،و أضرت بالاقتصاد القومي ،إذ انعدمت الزراعة و قل الناتج القومي الصناعي و أوقعت خائر فادحة في الثروة الحيوانية،و مع ما ترتب على ذلك من أمراض اجتماعية خطيرة كالسرقة و الرشوة و تفشي الجريمة،إضافة إلى أنها بينت حجم التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لهذا البلد سواء من بريطانيا أو روسيا صاحبتا المصالح المباشرة في هذا البلد أو غيرها من الدول مثل الدولة العثمانية و ألمانيا وفرنسا

Keywords

تاريخ