قصة السندباد البحري كما يتناولها النقد المعاصر

Abstract

تعد مجموعة قصص ( ألف ليلة وليلة ) وحكاياتها ، من القصص الشعبية التي لاقت إعجاب كل المطلعين عليها واستحسانهم وانبهارهم ، وذاعت شهرتها وأطبقت على العالم كله منذ ظهورها حتى يومنا هذا ، باعتبارها سجلاً تراثياً وشعبياً صادقاً وحقيقياً نقل إلينا الصورة الحقيقية لطبيعة المجتمعات الشرقية ولا سيما العربية ، على اختلاف فئاته وطبقاته .
وتمثل أيضاً سجلاً تاريخياً وفلسفياً عكست بوضوح الملامح والأبعاد الأدبية والاجتماعية والفكرية والثقافية والاقتصادية للمجتمع العربي والإسلامي ، وقد تتعدى السياسية أيضاً .
وتتضح أهمية هذا الكتاب في انه موسوعة تاريخية وجغرافية وعلمية ، تناثرت معلوماته بين ثنايا تلك القصص والحكايات ، فلا تخلو حكاية من حكاياته من معلومة مبثوثة هنا أو هناك خلال سرد الأحداث ، و(( يشكل هذا الكتاب الشرقي العظيم الزاخر بأعمال البطولة ذخيرة من الأخلاق والعادات العربية والقوانين والدين والمعتقدات والممارسات ، كما يشكل كنزاً عجيباً من التراث الشعبي الإسلامي ))( ) .
ولا تقف أهمية الكتاب وحكاياته على ذلك فقط ، بل تعدت إلى الجانب الفني بكل صوره وألوانه ، فقد أوحت تلك القصص والحكايات الفنانين الشرقيين والغربيين إلى تأليف الكثير من الأنواع الفنية استوحت أفكارها منها .
ونظراً إلى هذه الأهمية الكبرى التي يحظى بها هذا الكتاب ، فقد عُنيت بها الكثير من الدراسات قديماً وحديثاً ، تناولت كل واحدة منها جانباً معيناً أظهرت أهميته وأظهرت من خلاله أهمية الكتاب ككل ، وبيّنت وجهة نظر الباحثين وآراءهم فيها .
إن قصة ( السندباد البحري ) هي إحدى قصص وحكايات ألف ليلة وليلة التي سمعنا بها أو قرأناها من دون أن نخوض في عالمها بشكل دقيق .
وتعد قصة السندباد القصة البحرية الأولى والكبرى في الأدب العربي ، وهي فوق هذا ، واحدة من أهم قصص البحار في آداب العالم ن ولو لم يحو كتاب ( ألف ليلة وليلة ) علـى قصة ( عبد الله البري والبحري ) في بعض نسخه ، لكانت هي القصة البحرية الكاملة الوحيدة في الأدب العربي .
شكّل البحر في هذه القصص على سعته وغموضه ، البطل الثاني ، فكان في قصة ( عبد الله ) وسيلة إلى غاية العرض الفلسفي ، أما في قصة ( السندباد ) فهو الغاية التي تنتهي إليها القصة . فالبحر هو ممثلها الأول وبطلها، والقصة بهذا المعنى تكون مقابلة بين السندباد والبحر( ).
فالسندباد بما يحمله من ثقة عالية بالنفس وشخصية فذة ، والبحر بما يمتاز من غدر وعدم ثبات ، يجعل منهما محورين أساسيين لأحداث هذه القصة .
وقـصة ( السندباد ) هي خلاصة المعارف البحرية والجغـرافية العربـية وبهذا يكـون ( السندباد ) احد المكتشفين الذي أضاف من خلال رحلاته استكشافات كثيرة ومهمة في مجال البحر والجغرافية والنبات والحيوان ، فهو زيادة على كونه تاجراً وبحاراً هو مكتشف بارع .
ومن خلال السطور القليلة المقبلة نسلط الضوء على هذه القصة مرة أخرى ومن زوايا جديدة في محاولة لتعريف القارئ العزيز وبشكل أوضح على ما حوته من مضامين مختلفة وبيان أهمية هذه القصة التي يكون قد قرأها أو سمع ببعض أحداثها من دون التدقيق في مضامينها وأهدافها .