مقامات الزمخشري - دراسة موضوعية - فنية

Abstract

حفل العصر العباسي باهتمام الدارسين والنقاد ـ كونه العصر الذهبي للأمة ـ إذ كان زاخرًا بالفنون ولاسيما الشعر والنثر ، وقد لاقت الفنون الاهتمام الواسع من النقاد ومؤرخي الأدب ، ومن هذه الفنون ( فن المقامة ) ، فقد نالت المقامة حظوة لدى الدارسين وأكثروا الكلام عليها ، ولما تزل ( المقامة ) من الفنون النثرية التي أشبعها الدارسون والباحثون بحثًا ، إلا أنهم لم يقولوا فيها كلمة الفصل أو رأيهم الأخير ، ولاسيما موضوع : هل إن المقامة قصة أم لا ؟ مع إن بعضهم قد تلمس هذا الموضوع ولكن لم يجزم به .
وعلى الرغم من مرور أكثر من ألف عام على ابتكار بديع الزمان الهمذاني (ت398 هـ) إياها ، وكون ظهورها في القرن الرابع للهجرة ، وما لاقته من اهتمام كبير بمبتكرها ونشأتها ثم كتابها ، فقد اقترن اسم بديع الزمان الهمذاني بهذا الفن ، لكونه أول من ألف فيها وكتب وأخذت المعنى الاصطلاحي منه ، لذلك تكون كلمة ( المقامة ) قد نسبت إليه في طرزها ورسومها وتلاه الحريري ( أبو محمد القاسم بن علي الحريري ( ت 516 هـ ) ) الذي نسج على منواله ، وألف مقاماته المشهورة بنمط تجاوز فيه أستاذه ( البديع ) في التصنيع اللفظي والسبك والموضوعية ، وانه إذ قاسمه الشهرة في هذا الميدان عند المتأخرين، لكن قصب السبق يبقى مقترنًا بالرائد الأول الذي فتح مسالكه ووقع على أبكار صحائف ميلاده.
ويحلق فوق هذين العلمين على مد التاريخ عدد واسع من المتأخرين الذين ألفوا مقامات في موضوعات مختلفة ، ومن هؤلاء الزمخشري ( ت 538 هـ ) الذي ستكون مقاماته محور هذا البحث ،في محاولة للكشف عن بعض جوانبها الفنية والموضوعية .
قسمت البحث على قسمين :
الأول : عرض لمقامات الزمخشري .
والثاني : الصنعة والشعر في مقامات الزمخشري . لنستبطن هذه المقامات ومدى تأثرها وتأثيرها في عصرها ومدى