التنافس البريطاني ـ المصري حول البحرينفي القرن التاسع عشر

Abstract

لتاريخ البحرين في القرن التاسع عشر أهمية خاصة . فقد شهدت هذه الجزر ، الغنية بثرواتها الطبيعية وموقعها الستراتيجي بالنسبة للقوى المحلية والاقليمية والدولية ، تنافساً حاداً خلال هذه المرحلة التاريخية ، حيث كانت البحرين مفتاحاً للساحل الغربي للخليج العربي ويتمثل هذا التنافس في النصف الاول من القرن التاسع عشر في التنافس البريطاني – المصري على السواحل الغربية للخليج العربي . وكان الموقف البريطاني رد فعل للتوسع المصري في الجزيرة العربية وامتداداتها الساحلية . واذا كان البريطانيون لم يهتموا بتوسع محمد علي في الجزيرة العربية في المرحلـة الاولى ، فان وصوله الى سواحل الخليج العربي قد أثار السلطات البريطانية وجعلها تتخذ سلسلة من الاجراءات لمواجهة هذا الاندفاع المصري المتزايد . البحث الحالي محاولة لتتبع اهمية البحرين وموقعها في التنافس البريطاني – المصري حول الجزيرة العربية ، ونتائج هذا التنافس على المنطقة عموماً والبحرين على نحو خاص . يؤشر المؤرخون وصول قبائل العتوب إلى جزر البحرين في عام 1782 بداية للتاريخ الحديث لهذه الجزر ، وذلك لان احدى تلك القبائل وهم آل خليفة حكموها منـذ ذلك التاريخ وحتى الوقت الحالي(1) . وقد كان العتوب يشعرون بمدى قوتهم البحرية ، وان في استطاعتهم أن يتحدوا مع القوى البحرية الأخرى ويدافعوا عن جزر البحرين لو قدر لهم السيطرة عليها ، وربما كان عتوب الزبارة آنذاك قد بدأوا يشعرون بالتوسع السعودي ، لذلك اصبح التفكير في السيطرة على البحرين أمراً هاماً ، لا سيما وان السعوديين لا يملكون أسطولاً بحرياً وبهذا يصبح البحر مانعاً قوياً وطبيعياً بينهم وبين السعوديين ، إلى جانب ذلك اهتم العتوب بموقع البحرين التجاري وغناها بمغاصات اللؤلؤ واشجار النخيل والماء العذب ، وكذلك كون البحرين جزيرة فان ذلك يسهل عليهم الدفاع عنها لدرايتهم الواسعة بشؤون البحر(2) . ووفقاً لهذه السمات تكون البحرين درة للخليج العربي كما يشير احد الباحثين(3) .
كانت الظاهرة العامة في الخليج العربي قبل بدايــة القرن التاسع عشــر ظـاهـرة
" توازن القوى " بين دويلات المدن التي كانت تظهر وتختفي على شاطئ الخليج العربي بين فترة واخرى ، باشتداد شكيمة احدى القبائل او بضعفها ، وكان آل خليفة وحلفاؤهم قبيل بداية الربع الاخير من القرن الثامن عشر من الزبارة يشكلون بداية توسع احـدى " دويلات المدن" وعلى نحو خاص بعد وصولهم الى البحرين(4) . الا ان بداية القرن التاسع عشر تزامن مع تنامي الدور البريطاني في شؤون الخليج العربي ، الى جانب تنامي دور القوى المحلية والاقليمية في المنطقة . وكان وصول قوات محمد علي باشـا ( 1805 -1847 ) والي مصر القوي ، الى الجزيرة العربية قد اثر على وضع القوى المحلية في المنطقة ، الى جانب رد الفعل البريطاني لمواجهة الحملة المصرية . علاوة على ذلك . تعرضت البحرين لتهديدات حكام الساحل العماني ، والتهديدات الفارسية .