مكانة يحيى بن سلام البصري في التفسير

Abstract

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الأخيار ورضي الله عن التابعين وتابعي التابعين الذين حفظوا بيضة الدين وخدموا القرآن الكريم من تحريف الغلاة والمارقين وبعد. فان الله  قد قيض لهذه الأمة من بعد رسوله  وصحابته الكرام والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين علماء ربانيين توجهت عنايتهم إلى القرآن الكريم فحفظوه في قلوبهم وقاموا به في الليل البهيم تالين لآياته وعارفين معانيها ومفسرين ما يغمض منها أو يشكل بأحسن ما يكون التفسير والبيان يمدهم في ذلك الإخلاص في العمل وحسن العقيدة وصفاء الفطرة .
و في بحثنا هذا نلتقي مع واحد من أولئك الذين خلد التاريخ تفسيره الرائع وهذا المفسر يحيى بن سلام البصري مولدًا والمغربي وفاةً وشهرة ، وقد عاش يحيى في زمن كثرت الأقوال في تفسير الآية الواحدة ، لان عصره عصر الحاجة إلى معرفة تفسير القرآن .
ولقد كان مبدأ الشروع في البحث ما وجدته في كتاب النكت والعيون للما وردي من آراء له في التفسير مما أثار في نفسي الرغبة في التنقيب عن آرائه لعلي أجد ضالتي فيه، وعلى الرغم من أن ليحيى تفسيرًا مخطوطًا إلا أن الذين كتبوا عن مناهج المفسرين وأعلامهم لم يشيروا إليه من قريب ولا من بعيد ما عدا الداودي ، إذ ذكر عنه النزر اليسير الذي لا يتناسب مع مكانته في علم التفسير، وينتسب يحيى إلي مدرسة الحسن البصري في التفسير ، وهو من أعلامها الذين أثروا في المدارس التفسيرية ، وكان له أكبر الأثر في تكوين منهج الطبري في التفسير ، إذ يعد الطبري ثمرة من ثماره ، وكما أن أثره واضح في مدرسة التفسير في المغرب و القيروان ، وقد سلك في تفسيره أغلب اتجاهات التفسير وان كان يغلب عليه التفسير العقلي وقد اتسم بقصر العبارة مع بلاغتها وحسن الأسلوب وله باع طويل في توجيه التفسير توجيهًا نحويًّا ونراه في التفسير اللغوي متأثرًا بمنهج ابن عباس من ناحية تفسير الألفاظ والغريب ، وكما أنه على علم واسع بعلوم القرآن ولاسيما معرفته بالمكي والمدني ونراه يرجح بعض الأقوال في هذا الميدان ، وكما أن الكثير من المفسرين يرجحون آراءه في التفسير على غيره من المفسرين مما يدل على أن له مكانة عالية بين المفسرين تستحق الكتابة والبحث و إماطة اللثام عن منزلته العلمية في علم التفسير وقد فضله ابن حجر على كثير من المفسرين أمثال محمد بن مروان والكلبي وسنيد إلا أنه يؤخذ عليه انه لين الحديث وفيما يرويه منا كير هذا في الحديث أما في التفسير فلم يجرحه أحد وقالوا : يكتب حديثه مع ضعفه وقد جعلت بحثي في تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة ، أما التمهيد فتكلمت عن حياته ومكانته العلمية و أما المبحث الأول فتكلمت فيه على مكانته في تفسير القرآن و أما المبحث الثاني فتكلمت فيه على جهوده في علوم القرآن و أما المبحث الثالث قد ذكرت له نماذج من التفسير توضح مكانته ، وأما الخاتمة فذكرت فيها أهم ما توصلت إليه من النتائج .
في الأخير نسأله  أن يوفقنا لخدمة القرآن الكريم وان يفتح أبصارنا ببركة القرآن الكريم ومحبة نبيه الكريم والترضي عن أصحابه الأخيار وآله الأطهار .