الإمام الحازمي وموقفه من النسخ في كتابه الاعتبار

Abstract

الحمد لله رب العالمين – حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده – والصلاة والسلام على الهادي البشير سيدنا محمد (ص) وعلى اله وأصحابه أجمعين ، وبعد أخذ الصحابة  شالسنة مشافهة ـ وبحرص متناه ليس له نظير ـ عن رسول الله (ص) الذي منعهم من تدوينها بادئ الأمر – وبعد تمكنهم وممارستهم لكتاب الله تعالى رخص لهم في التدوين فأمر بأن يكتب لأبي شاهٍ خطبته في حجة الوداع وكذلك كانت الصحائف التي ذكرت كتب تدوين السنة أسماء أصحابها كصحيفة جابر وسمرة وابن العاص  أجمعين .
وكانت الرواية الشفهية هي الطابع العام في نقل السنة وتناقلها من جيل الصحابة الى جيل التابعين ، حتى جاء الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز الذي راودته فكرة التدوين يوم خشي دروس العلم وذهاب العلماء . فتحققت فكرته هذه على ارض الواقع إذ انتدب لهذا الأمر ابن شهاب الزهري وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ، فكان هذا الأمر مفتاح باب التدوين في السنة الذي فتح للناس على مصراعيه وكان لكل وجهة هو موليها في التدوين حرصا منهم على سنة نبيهم (ص) ، منهم من كتب المسانيد ، ومنهم من كتب المعاجم ومنهم من كتب ودون على ابواب الفقه وهكذا ، وقد تجشم هؤلاء الجهابذة الأفذاذ الصعاب وقطعوا الفيافي والقفار والقيام بالرحلات المضنية من اجل الحصول على سنة النبي (ص) من أفواه الثقات العدول .
ثم اتخذ التدوين في عصور المتأخرين شكلا آخر ، إذ كانت المدونات في كل علم من علوم الحديث على حدة ، فكانت كتب الغريب ، وكتب المراسيل ، وكتب الأحاديث المشتهرة ، والاخوة والأخوات ، وكتب الناسخ والمنسوخ التي نحن الآن بدراسة أحدها وأهمها وأفضلها باعتراف النقاد والحفاظ ألا وهو كتاب الاعتبار للإمام الحازمي .
بذل الحازمي فيه جهدا قل نظيره فكان صغيرا في حجمه كبيرا في مكنون درره وجواهره ، وقد قمت – بتوفيق الله وتأييده ـ بهذه الدراسة المتواضعة ـ لهذا الكتاب فجاءت في مبحثين :