عصر الاستنارةالخلفية التاريخية والمفهوم العام

Abstract

تعد حركة الاستنارة Enlightenmint حركة انسانية Humanitarianism نظراً لما كانت تتضمنه هذه الافكار من القيم الانسانية والرغبة في تحسين احوال البشر ظهرت في اوربا في القرن الثامن عشر، اذ دعا فلاسفة هذا العصر الى اصلاح المجتمع وانظمة الحكم والاجهزة السياسية على ضوء كتابات الفلاسفة لاسيما لوك ومنتسيكو وروسو وبينثام وآدم سميث وكيناي وغيرهم الذين دعوا الى التخلي عن المستعمرات والغاء تجارة العبيد ودراسة الانسان وتحسين احواله.ان جذور حركة الاستنارة تعود الى أيام اكتشاف الفلاسفة اليونان للانتظام في الطبيعة مستنتجين أنَّ المبدأ الذي يحكمها هو العقل ونتاجُه الفكري، ولاسيما عندما بدأوا يتأثرون بافكار سقراط Socrates ويفكرون في الانسان ويعزون قيمة عليا لقواه الفكرية، وحظيت اليونان بمكانة بارزة لدى الفلاسفة ومدارسهم، الا ان تلك المكانة وذلك المجد تلاشى لترثها روما.واحتفظ الرومان بالكثير من إسهامات الإغريق كما أضافوا إليها الكثير مما يغنيها، غير أن الثقافة الإغريقية – الرومانية فقدت حيويتها في النهاية، أي بعد مجيء الأديان الشرقية بتعاليم توعظ بالخلاص والإفضاء الى حياة أسعد وأفضل، وكسبت الديانة المسيحية المنافسة من بينها لتصبح وقبل نهاية القرن الرابع الدين الوحيد في الإمبراطورية الرومانية( ). ومن هنا بدأت التجربة الأوربية صعبة ومريرة حيث ان الصراع والمعركة للوصول الى عصر الاستنارة استغرق قروناً عديدة، وان الدين المسيحي الذي برز في بيئة غريبة عن بيئة الاغريق والرومان كان قد أدى دوراً كبيراً في هذه المعركة( ). وعلى الرغم من أن اهدافها معاكسة لاهدافهم لدرجة ان العديد من المسيحيين الملتزمين ارادوا دحض الكتابات الوثنية تماماً، الا ان الغالبية العظمى من الذين اعتنقوا المسيحية كانوا اغريقاً وروماناً( )، لا يرغبون بالتخلي عن ماضيهم، اذ إنَّ الادبيات الوثنية هي المصدر الوحيد المتوفر للتبريرات الفلسفية والمواد التعليمية، لذلك وجب على الديانة المسيحية ان تتكيف ثقافياً لهذه الادبيات، غير انها حاولت ان تقضي على الجوانب الاخلاقية من الوثنية وتوظيف المتبقي منها لاغراض الايمان الخاصة( ). وعاشت بعدها القارة الاوربية قروناً طوال اتسمت الى حد كبير بالتخلف والظلام والتزمت، اتفق المؤرخون على تسميتها بالعصر الوسيط الذي امتد في رأي بعضهم حتى اواسط القرن الخامس عشر.