ظاهرة ألإرهاب دراسة في القانون الدولي

Abstract

يعد ألإرهاب إحدى الجرائم الخطرة التي تستهدف النظام العام الدولي ، وهو نوع من الحروب المدمرة بين الإنسان وأخيه الإنسان أو بينه وبين الدولة ، وهي جريمة تهدد السلم وتقوض دعائمه(1). ودراسة ظاهرة الإرهاب تقتضي أن يتم تناول هذا الموضوع بحذر من جوانب عدة منها الجانب القانوني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وذلك لغرض أغنائه بحثا لخطورته ودقة مفاهيمه وحراجتها ، وهذا يتطلب اختيارا دقيقا لكل مفردة بما يتناسب وموقعها في البحث ، لان أية عبارة أو جملة تصدر في هذا الإطار بالإمكان تأويلها وحرفها بالاتجاه الذي يريده المشرع الداخلي في كل دولة ، الذي حدد الإرهاب وفق مفهومه الخاص وبالتالي تدخل الباحث في حزمة المسائلة ، سيما وان القوانين الوطنية للدول في إطار مكافحة الإرهاب لم تبق أي تصرف يقاطع فلسفتها ألا وجعلته ينضوي تحت مفهوم الإرهاب وصاغت لذلك شتى النصوص واختارت ما ناغهما من المفردات للإيقاع بمن ترغب تحت طائلة الإرهاب ، ومنها على سبيل المثال تبني الفكر الإرهابي أو التحريض عليه أو التمجيد أو التمهيد أو الترويج أو التبرير أو التمويل أو التهليل أو التصفيق ...وما إلى ذلك من العبارات الهلامية غير المحددة , بغية تسهيل الإيقاع بأي شخص تحت أية ذريعة من تلك ، وبالتالي فأنها لا تعدو أن تكون مصيدة رخيصة للنيل من الخصوم . والإرهاب يعني فيما يعنيه نشر الذعر والفزع لتحقيق مكاسب سياسية وقد يكون وسيلة بيد السلطة المستبدة لتجبر شعبها وترغمه على الانصياع لأوامرها أو هو وسيلة تنتهجها دولة لإرغام الشعب على الخضوع لها وإشاعة روح الانهزامية والرضوخ فيه وبالتالي الانصياع لحكمها كما يحصل في فلسطين المحتلة ، ولنا فيما اعتمدته الحكومة في فرنسا عام 1793 من أساليب الترويع والترهيب لتحقيق أغراض سياسية على ذلك خير مثال(2).ومن المؤكد إن جريمة الإرهاب شهدت تطورا كبيرا من حيث أشخاصها ووسائلها مما أذهل المجتمع الدولي وفرض عليه وبإلحاح مهمة البحث عن الوسائل الكفيلة بالتصدي لهذه الجريمة ، وحيث أن قواعد القانون الدولي هي التي تنظم العلاقات الدولية وما يمس السلم والأمن الدوليين، لذا فقد أصبح التصدي للإرهاب يتم تحت غطاء الشرعية الدولية وباسم هذه الشرعية بدأ التدخل في الشأن الداخلي للدول ، وأضحت مفردة الإرهاب هذه تستخدم لوصف حركات التحرر الوطني ضد الدول الاستعمارية ، والأدهى من ذلك إنهم الصقوا هذا الوصف بالعرب والمسلمين . ومع صعوبة الوصول إلى تعريف محدد للإرهاب فأن ذلك لم يثن الدول من التوصل إلى تجريم بعض الأعمال التي تم الاتفاق على طبيعتها الإرهابية ، إلا أن هذه الأعمال محدودة وتتعلق بالأعمال الموجهة ضد الدولة والأشخاص المتمتعين بالحماية الدولية . وبغية تحديد مفهوم الإرهاب بشكل دقيق ، سأتناول دراسة الموضوع من خلال خمسة مباحث ، في الأول منها سأحدد مفهوم الإرهاب لغة واصطلاحا، وفي المبحث الثاني سأتطرق للجهود الدولية لتحديد مفهوم الإرهاب الدولي ، وفي المبحث الثالث سأبين بشكل عام دوافع الإرهاب وأسبابه وفي المبحث الرابع سأفرق بين الإرهاب والمقاومة المسلحة ، أما المبحث الخامس والأخير فسأوضح فيه موقف الإسلام من الإرهاب....