المتشابه والمحكم في القرآن الكريم (بحث في دلالة الألفاظ القرآنية)

Abstract

اعتمد الباحث رؤية منهجية جديدة سعى لتطبيقها في المجال البحث الدلالي في القرآن الكريم تستند هذه الرؤية على النظر الى القرآن الكريم بوصفه مدوّنة إلهية مستغنية عن غيرها في بيان معانيها، أو دلالة ألفاظها وذلك ما أبرزته طائفة من الآيات والأحاديث التي تدلّ على أنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً. وذهب بنا ذلك الى امكان تطبيق منهجية للقراءة والتحليل هي(غلق المدونة)ومحاولة السعي لوضع المنهج الذي عملنا على طرحه في بعض بحوثنا وهو:(منهج الدلالة القرآنية للألفاظ) موضع التطبيق؛وبخاصة في الكشف عن دلالة هذه الألفاظ(أعني:محكمات وأحكمت ومتشابه ومتشابهات)والتي شغل البحث عن دلالتها مساحة واسعة في كتب التفسير وكتب علوم القرآن. وقد توصل البحث إلى النتائج الآتية:1) عمل البحث عبر المنهج الجديد، وغلق المدوّنة على اظهار الأثر المهم للجانب اللغوي، وبخاصة الجانب الدلالي للألفاظ .وإنّ للسياق اللفظي(اللغوي) أثرا فاعلاً في الكشف عن دلالة اللفظة؛إذ هو السياق الوحيد الذي يظهر في المدوّنة الإلهية(القرآن).ولا يمكن في ضوء ذلك الأخذ بسياق الحال والمقام(أسباب النزول)، إلاّ في سياق تعضد ما يتوصل إليه عبر السياق اللفظيّ. 2) كل ما استعمل من مادة (شبه) في القرآن الكريم جاء بدلالة المشابهة في الصورة والتكوين الخارجي ؛ولم يُستعمل بدلالة الالتباس. 3)الدلالة القرآنية للفظة (متشابه)هي:التشابه الكائن بين أقسام الشيء الواحد،أو بين مكوناته.وما وُصِف بهذه اللفظة فهو يشتمل على تعدّد في داخله، كما في وصف كتاب بـ(متشابه)، ووصف آيات بـ(متشابهات) .فإنّ هذا الكتاب ذو آيات يشبه بعضها بعضاً في لفظها،وصورتها الخارجية المدركة بالبصر.وكذا الحال في متشابهات. 4)لم يكن قسما الآيات: محكمات ومتشابهات في الآية(7) من آل عمران خاصا بآيات القرآن الكريم، بل يخصّ قسما من آيات (الكتاب)، وهوكتاب عنده تعالى ذكر فيه تفصيل كل شيء. وقد أطلَع الله تعالى نبيه الكريم(صلى الله عليه واله وسلم) على ما فيه.5) إنّ تقسيم آيات الكتاب على القسمين الآنفي الذكر لا يشمل كل آيات الكتاب أو مكوناته؛ بل قسما منه ضمّ هذين النوعين من الآيات؛ لأنّ وجود (منه) دالّ في موضعه على وجود غيرها.وهو ما لم يلتف إليه المفسرون.6) أشارت الآية (٢٢) من سورة الزمر إلى كتاب إلهيّ ذي نمط خاصّ؛ آياته يشبه بعضها بعضا لوصفه بـ(متشابه) وقد رتبت آياته على هيأة تجمّعات ثنائية لوصفه بـ(مثانٍ).وهذا الوصف الأخير يجعله ضمن الكتب أو الصحف السبعة التي ذكرت في الآية( وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ)(الحجر87) .ومعلوم أنّ ذلك يخالف ما ذهب إليه المفسّرون من دلالة السبع المثاني التي اختلفوا فيها كثيرا.7) تسلك المحكمات مسلك المفاتيح التي بها يمكن تغيير ما نزل من حوادث عامة أوخاصة. وتفرّد الله (عزوجل) بمعرفتها وكانت تسميتها بـ(أمّ الكتاب)لدلالة الهيمنة والتحكم ولا يدرك سرها،وماهيتها إلاّ هو قال تعالى:(يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)(الرعد39)، وتظهر هذه الهيمنة والتحكم في استعمال آخرهو(أمّ القرى).أمّا المتشابهات فآيات الكتاب التي يتشابه بعضها مع بعض،و تبدو في النظم كأنها تختزل تفصيل كل الحوادث في هذا الكون منذ بدايته الى نهايته. ويظهر من ذلك ما جاء بقـوله تعالى:(الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(هود1).8) كان سعيّ الباحث أنّ يتمسّك بما رسم لنفسه من منهج يفسّر القرآن بالقرآن؛وكان المدخل الى ذلك مرتكزا على ألفاظ القرآن؛ وماتكون من سياق لغويّ؛ ولذلك فإنّ ما أوردته من أحاديث أو أقوال لبعض العلماء والمتقدمين هو من باب الإستزادة والتعضيد ولم يكن من باب التأسيس.