الحقوق الصحية للفرد العراقي بين الواقع ومسؤولية الدولة

Abstract

تشير معظم الدساتير إلى حق الإنسان في العيش ببيئة جيدة تؤمن له حياة صحية سعيدة . ويكفل المجتمع من خلال الدولة هذا الحق عن طريق تأمين الرعاية الصحية للفرد . وقد حرصت الدساتير السابقة في العراق على تأكيد الحقوق الصحية للفرد ، حيث أشار الدستور المؤقت لعام 1964 على إن الرعاية الصحية حق للعراقيين جميعاً تكفله الدولة بإنشاء مختلف أنواع المؤسسات الصحية ( ) . كما الزم الدستور المؤقت لعام 1970 الدولة بحماية الصحة العامة عن طريق التوسع المستمر بالخدمات الصحية المجانية في الوقاية والعلاج .
وقد سعت الدولة في العراق الى تقديم الخدمات الصحية والعلاجية لمواطنيها كافة.اذ حصل تقدم في الخدمات الصحية المقدمة عبر المؤسسات الصحية العامة قبل عام 2003, حيث بلغ عدد المستشفيات نحو 307 مستشفى عام وأكثر من 1354 مؤسسة صحية أخرى ونحو 48 عيادة طبية شعبية ( ) . إلا إن مستوى ونوعية الخدمات التي قدمتها تلك المؤسسات الصحية قد تراجع خلال عقد التسعينات بسبب ما كانت تفتقر إليه المؤسسات الصحية من المستلزمات الصحية والعلاجية , نتيجة للحصار الاقتصادي المفروض دولياً على العراق .. وجاء الاحتلال في ربيع عام 2003 ليقضي على ما تبقى من قدرات هذه المؤسسات في تقديم الرعاية الصحية المطلوبة للمواطن بسبب عدم قيام سلطات الاحتلال بواجبها تجاه حماية تلك المؤسسات, حيث خسرت هذه المؤسات معظم قدراتها الفنية, نتيجة نهب وسلب كافة محتوياتها ومستلزماتها من الاجهزة الطبية. وباتت عملية إرجاع الرعاية الصحية إلى وضعها خلال ما كانت عليه في عقد الثمانينات يحتاج موارد كبيرة وإدارات أمينة .اذ ان معظم ما رصد من مبالغ لم ينعكس ايجابياً على واقع الخدمات الصحية, بسبب أن القسم الأكبر تم انفاقه على اعادة بناء وتأهيل بنايات المؤسسات الصحية, والآخر قد ضاع نتيجة تفشي الفساد الإداري في معظم مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة الصحية .