الدلالة السياقية لغريب الحديث النبوي الشريف في شعر العرب

Abstract

لقد توشّحت مصادر الاحتجاج ـ قرآنا وحديثا وكلام العرب ـ برداء الغريب من الألفاظ حيث ورد منها كمّ لا يستهان به في معاجم تلك المدوّنات الثلاث، فلئن كان الغريب سمة في الشعر الجاهلي لكونه مرتبطا بلغة الأوائل من العرب المستعربة ولم يكن وجود هذه الظاهرة (الغريب) في الشعر العربي آنذاك أمرا مستهجنا لأنّه دار في أشداقهم واستساغته ألسنتهم كما استساغوا المطّرد من الفصيح؛ حيث لم يجدوا عنتا في فهمه وتوضيحه وهذا ما يفسّر وروده في القرآن والحديث النبوي ، فإن استعصى إدراك معانيه في هذين النّصين الشريفين تكفّل شعر العرب بتوضيح غوامض تلك الألفاظ المبهمة في سياق الآيات ومتن الأحاديث.ولعلّ ما يؤثر عن حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قوله: (إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر فإنّ الشعر ديوان العرب) يؤكّد حقيقة دور الشعر العربي في الكشف عن ما استبهم من ألفاظ في القرآن والحديث لكونهما من مشكاة لغة واحدة، وقد عُني المتقدّمون من العلماء والمتأخرون منهم بتتبّع ظاهرة الغريب في القرآن وحاولوا إيجاد مساقط معانيها في الشعر العربي لوجود إرهاصات في هذا المسعى والتي تصدّرتها محاورات عبد الله بن عباس مع نافع الأزرق، إلاّ أنّ مثل هذا الجَهد لم يحظ بالنّصيب الأوفر في غريب الحديث، فعادة ما تفسّر ألفاظه انطلاقا من القرآن نفسه أو المعاني المعجمية بالرّغم من استشهاد أصحاب كتب الغريب الخاصّة بالحديث النبوي الشريف بالأبيات الشعرية، وهذا ما أفضى إلى تبلور فكرة هذه الدّراسة التي نودّ من خلالها أن نبيّن أثر الشعر العربي في الكشف عن معاني الغريب الذي حوته نصوص الحديث النبوي الشريف، لأنّ تحديد دلالة تلك الألفاظ متعلّق بسياق الحديث أوّلا ومدارجه في مختلف المعاني الشعرية ثانيا والتي تبيّن أصل الوضع اللّغوي.وسنحاول من خلال هذا المقال أن نبيّن ظاهرة اطّراد الغريب في نصوص الحديث النبوي وكيف يمكن حصرها ضمن مجالات لغوية محدّدة انطلاقا من دلالاتها السياقية التي تضمّنتها أبيات الشعر العربي في عصور الاحتجاج، علما أنّ هذه الدّراسة لغوية محضة لذلك فهي لم تعن بالأحكام الفقهية التي تضمنتها الأحاديث النبوية الشريفة في متن البحث