Indication of the poor and needy At one in the context of the Quranic text

Abstract

- توصل البحث إلى اثبات الفرضية التي انطلق منها، وهي: (التأسيس خير من التوكيد)، وإن لكل لفظ قرآني مقصد خاص، يختلف عن مقصد لفظ آخر، وإن اشتركا في نطلق معين، إلا أنَّ أحدهما يختص بمعنى أدق، وهذا ما أثبته البحث في دلالة الفقير والمسكين. فهما يشتركان في معنى عدمي هو الاحتياج المادي - المالي - إلا أن النسبة بينهما أعمُّ وأخصُّ، فكل مسكين فقير، ولا عكس لأنَّ المسكين فقير وزيادة، والزيادة، هي المسكنة والذلة، فهو مسلوب العزة؛ بخلاف الفقير الذي يمتلكها 2- إنَّ الفقير والمسكين صنفان متغايران، فالفقير ينطبق على من يتصف بـ (فقد المال)، والمسكين يتصف بـ (فقد المال + المسكنة)، فالقدر المشترك بينهما فقد المال، وهو المصداق الوحيد للفقير في حين أنه إحدى مصاديق المسكين؛ لأنه له مصاديق أخر، هي: (الزمانة - المرض - العرج والعمى). 3- لعلماء اللغة والفقهاء والمفسرين - في دلالة الفقير والمسكين - رأيان، أما الرأي الأول، فهو(إنَهما بمعنى واحد)، وأما الرأي الثاني، فهو (إنَّهما بمعنيين مغايرين)، وأصحاب هذا القول اتفقوا على أنهما بمعنيين مغايرين، إلا أنهما اختلفوا في أيهما أسوأ على قولين، أما القول الأول، فهو (إن الفقير أسوأ حالاً من المسكين)، وأما الثاني، فهو (إن المسكين أسوأ حالاً من الفقير). 4- ليس للمفسرين والفقهاء اصطلاح خاص بهم في دلالة الفقير والمسكين، وإنما تبنوا الاصطلاح اللغوي في الرأيين كليهما، وفي القولين كليهما في الرأي الثاني. وبمعنى آخر: إنَّ المفسرين والفقهاء دورهم اختيار رأي، أو قول من الآراء والأقوال اللغوية المطروحة في دلالة الفقير والمسكين. 5- إن الرأي الأول (إنهما بمعنى واحد)، وهو معنى عدمي، أي: إن كل واحد منهما لا شيء له، وإنما جيء بالمسكين توكيداً للفقير. وهو رأي فيه نظر؛ لأن التأسيس خير من التوكيد، عند الأصوليين ولأنه لم يقل به غير ابن الأعرابي (ت/232هـ) من اللغويين - حسب تتبع الباحث - واختاره أبو علي الجبائي (ت/303هـ) من المفسرين والمحقق الحلي (ت/676هـ) من فقهاء الإمامية، ونسب إلى أصحاب مالك. والذي أراه: أنَّ المحقق الحلي عدل عن رأيه هذا، ووافق رأيه رأي مشهور فقهاء الإمامية وأما ما نسب إلى أصحاب مالك، فهو لا يتعدى دائرة النسبة، وإن صحت فهي مبهمة لأنها لم تبيِّن من هم الذين نسب إليهم هذا الرأي. 6- وإنَّ الرأي الثاني (إنهما بمعنيين مغايرين)، وهو الرأي حسب ما أرى، وأصحاب هذا الرأي مع اتفاقهما على أنهما بمعنيين مغايرين، إلا انهم اختلفوا في أيهما أسوأ حالاً؛ لذا تفرع عن هذا الرأي قولان أما الرأي الأول ففيه نظر، وأما الرأي الثاني، فهو الذي يرجحه الباحث ويتبناه؛ لوجود مرجحات تؤيده. 7- إنَّ القول الأول من الرأي الثاني هو(إنَّ الفقير أسوأ حالاً من المسكين) وهو رأي فيه نظر - حسب ما يراه الباحث - لأنه لم يقل غير الأصمعي (ت/216هـ)، ووافقه ابن الأنباري (ت/328هـ)، وأبو جعفر أجمد بن عبيد من اللغويين - حسب تتبع الباحث - واختاره من المفسرين، الضَّحاك بن قيس الفهري (ت/64هـ)، وابراهيم النخعي (ت/96هـ)، وقتادة (ت/116هـ) - حسب تتبع الباحث - واختاره ابن البراج (ت/481هـ)، وابن حمزة الطوسي (حي/566)، وابن ادريس الحلي (ت/598هـ) من فقهاء الإمامية ونسب إلى مالك (ت/179هـ)، وبه قال الشافعي (ت/204هـ) من فقهاء المذاهب الإسلامية. 8- وإنَّ القول الثاني من الرأي الثاني هو(إنَّ المسكين أسوأ حالاً من الفقير) هو الرأي الراجح - حسب ما يراه الباحث - لأنه قول جمهور أئمة اللغة، وقولهم حجة، وأول من قال به منهم - حسب تتبع الباحث - هو يونس بن حبيب (ت/182هـ)، واختاره جمهور المفسرين، الضَّحاك بن قيس الفهري (ت/64هـ)، وابراهيم النخعي (ت/96هـ)، وقتادة (ت/116هـ) - حسب تتبع الباحث - واختاره من فقهاء الإمامية ابن الجنيد البغدادي (ت/381هـ)، والشيخ المفيد (ت/413هـ)، والشيخ الطوسي (ت/460هـ) في النهاية في مجرد الفقه والفتاوى، وهو الرأي المشهور عند فقهاء الإمامية، ويكاد أن يكون عليه إجماع المتأخرين، وبه قال أبو حنيفة (ت/150هـ) من فقهاء المذاهب الإسلامية. 9- وبهذا يكون الباحث قد حسم قضية هي محل خلاف شكلت جوهر مشكلة البحث، وبيَّنَ أنَّ دلالة الفقير والمسكين في سياق واحد في النص القرآني ليستا بمعنى واحد، وإنما بمعنيين مغايرين، وإنَّ المسكين أسوأ حالاً، وليس الفقير، وهو المشهور عند اللغويين والمفسرين والفقهاء، وأنَّ المفسرين والفقهاء لا اصطلاح لهما في هذا الباب، وإنما تبنوا الاصطلاح اللغوي بعينه في الآراء الرئيسة والأقوال التي تفرعت عن أحدها. ويتبنى الباحث: أنَّ الفقير والمسكين يشتركان في أنَّ كل واحد منهما لا يملك قوتاً، إلا أنَّ الأول لا يملك قوت سنته له ولعياله، والثاني لا يملك قوت يومه له ولعياله. 10- لا تظهر فائدة الخلاف عند اللغويين والمفسرين، وتظهر عند الفقهاء، وعلى تفصيل: في باب الزكاة تظهر عند الشافعي؛ لأنه تبنى البسط، ولا تظهر عند الإمامية والحنفية والمالكية؛ لأنهم تبنوا عدم البسط، في حين تظهر فائدة الخلاف في أبواب (الكفارات، الوصية، النذر، والوقف). فالأسوأ يدخل مع الأحسن، في حين الأحسن لا يدخل مع الأسوأ؛ لأن روح التشريع - في الجانب المادي - ناظر إلى الاحتياج الملح، وحفظ كرامة الإنسان، وصون ماء الوجه من التذلل والسؤال.