Political freedom for the general employee

Abstract

تعتمد قوة الدولة وتقدمها على كفاءة موظفيها ومثابرتهم على العمل, فالعناصر البشرية إذا اتسمت بالكفاية أمكنها أن تفجر طاقات من الخلق والإبداع وان تحسن استغلال وتوجيه موارد الدولة وإمكاناتها.
ومن هنا فقد اتجهت الدول إلى أقرار الكثير من الحقوق والحريات للموظف العام بقصد تشجيع ذوي الاختصاص والكفاءة للإقبال على الوظيفة العامة0
ألا أن قضية ممارسة الموظف العام للحريات السياسية ما تزال إحدى المشكلات التي يثيرها نظام الوظيفة العامة والتي تتعارض إزاءها رغبات الموظفين والإدارة, فالموظفون لا ينفكون يطالبون بكامل الحريات الممنوحة للمواطنين عامة, والإدارة تسعى إلى تقييد ممارسة الموظف العام لحرياته السياسية بحيث لا تتعارض مع الالتزامات الوظيفية الملقاة على عاتقه وأهمها تأمين حسن سير المرفق الذي يعمل فيه بانتظام وباضطراد 0
ويختلف مدى تمتع الموظف العام بالحريات السياسية من دولة إلى أخرى باختلاف الفلسفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في الدولة 0 كما يختلف الحال داخل الدولة نفسها من فترة زمنية لأخرى 0
فالدول ذات النظم غير الديمقراطية تتطلب تطابقاً تاماً بين الأفكار السياسية التي يؤمن بها الموظفين ، وتلك التي يعتنقها النظام الحاكم ، كما إن هذه الدول كثيراً ما تصادر حقوق الموظف العام وحرياته السياسية أو تنتقص منها 0
أما الدول ذات النظم الديمقراطية فتتيح لموظفيها قدراً كبيراً من الحقوق والحريات, إذ أنها تعتبر إن الموظف هو أولا مواطن حر 0
إلا انه ـ حتى في النظم الديمقراطية ـ فان الموظف العام ، يجب أن يمارس الحقوق والحريات السياسية ، التي كفلها الدستور للمواطن ، بصورة أضيق من تلك التي يتمتع بها غير الموظفين ، وهذه نتيجة طبيعية لاختلاف العلاقات التي تربط الدولة بالمواطنين ، عن تلك التي تربطها بالموظفين 0
ففي ظل العلاقة بين الدولة والموظف هناك منافع متبادلة بين الطرفين ، فالموظف يستفيد من الحقوق الوظيفية ، التي توفرها الدولة له ، مقابل الالتزامات التي يفرضها عليه نظام الوظيفة العامة ، وإذا كان دخول الموظف سلك الوظيفة العامة ، أمرا اختيارياً ، فان مجرد قبوله خدمة الدولة ، والانضمام إلى جهازها الوظيفي ، يفرض عليه التزامات تفوق التزامات المواطن 0ثم إن الاعتراف للموظف بالقدر نفسه من الحريات السياسية، المسموح بها للمواطن، قد يعرض أداء المرافق العامة ووظائفها للخطر 0