الثقافة الدينية لدى الصابئة (المندائيين )

Abstract

من الواضـح جداً إن العـــــــراق قديمــهُ وحديثـــهُ يتكون من جماعـات تتباين لغاتها وقومياتها وانتماءاتها الطائفية ، ولعل من المُميز حقاً في تاريخ هذا البلد العريق والموغل في الحضارة إن لكل جماعة مكاناً مميزاً في حضــــارة وادي الرافدين من خلال مايتجلى من أدب رفيع أو لغة أو ديانة أو أعراف وتقاليد تأخذ مساحةً من البعد الإنساني والحضاري في خارطة هذا البلد .
والمندائيون رافدينيون عاشوا قرب شطآن الأنهار الجاريــــــــــة والمقدسة لديهم لأنها تعطيهم الخصب والســـلام والخير ولتجعلهم علامـة بارزة في تاريخ وادي الرافدين وقطعة جميلة من الفسيفساء العراقية . المندائيون
جماعة عرقية ودينية تقطن ضفاف دجلة والفرات جنوب العراق ونهر الكارون غرب إيران اشتهرت بصناعة القوارب والآت الحصاد وصياغة المينا ( النقش على الفضة ) .(1)
اتخذ المندائيون من الصمت في ممارسة طقوسهم سبيلاً للحفاظ على كيانهم الديني فلغتهم لايفقهها مواطنو المناطـــــــــــق التي يقطنوها ، لايُعرف لهم مؤسسٌ لطائفتهم فهم يعتقـدون أن ديانتهم هي أقـــدم الديانات وان كتبهم هي صحـف سـادة البشر الأولين (آدم وشيـت و إدريـس ونـوح ) ومما تجـدر الإشـارة إليــه أن هؤلاء القوم وبسبب الغموض في تسميتهم وأحوالهم وطقوسهم قد تعرضوا إلى الاضطهاد من قبل اليـهود فالنـــصوص المندائية تُشير إلى عذاباتـهم من اليـهود ، وعتبلاتهم المسيحيــــة نصــارى منحرفين لابد من إرجاعهم إلى الجادة الصحيحة ، أما فقهاء المسلمــين فقد انقســــــموا في التعامل معــــــهم ففي القرن الثانـــــــــــــي الهجري أصدر قاضي القضــــــاة أبو يوسف المتوفي سنة 182 هجرية فتوى بضرورة أخذ الجزية منهم أســـوةً بجميع أهل الشرك من المجوس وعبدة الأوثان ، وفي القــرن الرابع الهجري أصدر الفقيه أبو سعيد الحســــــــن أبن يزيد الاصطــــخري المتوفى سنة 328هجرية فتوى بضرورة قتلهم لأنهم يخالفــــــــون اليهود والنصــــــارى ولأنهم يعبدون الكواكــب ، في حين صــــــــدرت فتاوى تؤكد خلاف ذلك فقد أفتى المرجع الديني آية الله العظـــــمى السيد أبو القاسم الخوئي "قُدس سرهُ " في أمر رجل صابئي أشهر إســلامهُ معتنقاً المذهب الجعفري وطالبتهُ زوجتهُ بالنفقــة في إحدى المحاكم الشرعية في بغداد قال:
" الصابئي كان من أهل الكتاب كما هو ظاهر "(2)
وأيد هذا القول آية الله السيد علي الخامنئي بقولهِ :
" إن الأقوى والأظهر بحسب الأدلة أن الصابئيين يُعدون من أهل الكتاب "(3)
أما محمد جواد مغنيه فيقول في كتابهِ: (4)
"الصابئةُ قومٌ يُقرون بالله وبالمعاد وببعض الأنبياء وان تسميتهم اشتُقت من صبئ العبرية بمعنى توضأ أو أغتسل "
اللغة المندائية