مدرسة المرية الصوفية – بين الواقع والخيال( 503 – 546 هـ / 1109 – 1151 م )

Abstract

ظهر النشاط الصوفي في نهاية القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي وكانت بداية نشأته مع محمد بن عبد الله بن مسرة ت ( 319 / 931 ) ومريديه حسب الرأي الراجح لمعظم المختصين ، ولكن عدم وجود اثار مكتوبة لا يعني بالضرورة ، ان ارض الاندلس كانت خالية من الاولياء حتى ذلك الحين .
وبفضل كتب ابن مسرة واعماله التي كانت دائمة التداول ولأجيال في اوساط المتصوفة بشكل خاص ، كان المصدر الاول للتصوف الاندلسي ، الا اننا نقلل من شأن التراث الغني الخاص بمتصوفة الاندلس ما بعد المسرية اذا نحن عمدنا الى اعتبارهم مجرد امتداد للمدرسة المسرية لاغير .
واذا كان من الرموز الروحية الاندلسية قد تأثروا بدرجات متفاوته بابن مسرة فأن ذلك لا يغير من حقيقة انهم قد افادوا ايضاً من مصادر اخرى من الادباء المشرقيين على وجه التحديد ، بل من تجاربهم الروحية الخاصة في المقام الأول .
فمن بين الرموز الروحية لمدرسة الصوفية ابو العباس بن العريف ت ( 536 / 1141 ) وابو الحكم بن برجان ت ( 536 / 1141 ) وابو بكر الميورقي ت ( 537 / 1141 ) وابن قسي ت (546 / 1151 ) ويبدو ان ابن العريف كان القائد الاول للحركة الصوفية ، بل كان الشخصية المحورية لها .
ان المدرسة المرية الصوفية تمثل بحد ذاتها ضرباً من التعميم ، فالثابت ان بعض الكتاب يذكرون الحادثة التي وقعت في المرية ، عندما اصدر سلطان المرابطين علي بن يوسف بن تاشفين ( 500-537 / 1106-1142 ) امراً باحراق كتاب ( احياء علوم الدين ) للامام الغزالي ، بطلب من الفقهاء ، ولاسيما القاضي ابو عبد الله بن حمدين ، لكن الامر لم يحظ بموافقة كل العلماء حتي بلغ من شجاعة علي البرجي ان عبر عن عدم الموافقة كتابياً في شكل فتوى ، وشاركه عدد غير قليل من علماء المرية في معارضة امر الاحراق .
ان لهذه الادانة الجماعية ، دلالتها واهميتها اظافة الى اشخاص ثلاثة من رؤوس الرموز الروحية للحركة الصوفية من مراكش ، حدث امر ثالث دعم انشقاق فريق من متصوفة الاندلس يعبر عن وجود مركز مقاومة صوفية معادية للمرابطين في المغرب والاندلس بل ذهب الامر الى انتفاضة المريدين بزعامة ابن قسي الذي يعتبر احد مريدي ابن العريف ، انما هي النتيجة السياسية المتولدة عن العقيدة التي كان ابن مسرة يدعو اليها ثم تلاه بعد ذلك ابن العريف .