التقنيات البنيوية في سورة القدر

Abstract

إنّ الفضاء القرآني فضاء غير منتهٍ منذ ولادة الوجود والى يومنا هذا ، والى ان يشاء الله ( سبحانه وتعالى )(1) ، فالمقترب من الخطاب القرآني ، والمبتعد عنه سيان في التأمل الفلسفي الذي يزعم :أنّ المقترب محاولة للعمل في الدراسات القرآنية ، والمبتعد لا يعمل الاّ في المضمون ، إذ إنه لا يضمن أنْ يكون مسعاه محموداً في الاحوال كلها . لذا فعلى الرغم من الدراسات الهائلة للقرآن الكريم على خارطة البحث العلمي العالمي، فانها تعد دراسات شحيحة فيما لو اخذنا بالحسبان الكم النوعي ، وليس الكم العددي ، ولو اردنا انضاج هذا المفهوم فاننا لا نجانب الصواب اذا قلنا : إنّ الايادي المشرعة لخدمة البنية القرآنية دونما هدف آخر نادرة في عصر سادت فيه ثنائية التقديم مقابل المنفعة ، أمّا التقديم لاجل التقديم ؛ فهو اضعف مما نتصور ، علماً اننا نتحدّث عن الدرس النوعي للقرآن الكريم ، ولا نلوم المبدع في هذا الاطار فقط ، وانما تقع اللائمة الكبرى على الإعلام الذي اهتمّ بالشكل اكثر من الجوهر ؛ ليس في دائرة الخطاب القرآني وحسب ، وإنّما في مشابك الحياة كلّها . وفي المرحلة الزمنية الأخيرة دخلت المناهج الأدبية الحديثة في دراسة الخطاب القرآني ، بوصفها خطوة إلى الأمام ؛ من اجل فضاء جوهري للقرآن الكريم ، وفي الواقع انّ كثيراً من هذه الدراسات قد أصابها الشلل العلمي بين عقم الفهم الروحي للخطاب القرآني المدروس في ضمن هذه المناهج ، وضغط بعض عناصر الهيئات العلمية على السير في جانب المظهر الخارجي من دون الولوج والتبحّر في أعماق المادة القرآنية ، ناسين أو متناسين أنّ الخطاب القرآني هو الذي ينهض بالفكر الانساني ، وليس العكس. (2) ولذلك ارتأينا دراسة (سورة القدر) في ضمن ( المنهج البنيوي)(3) ، حينما اكتشفنا – نتيجة الاستقراءات الكثيرة لهذه السورة – صلاحية مادتها للدرس البنيوي على مستوى الجوهر أكثر من الشكل ، لما لذلك – كما سنرى – من علاقة مع دلالات اكبر من هذه الدراسة ، فضلاً عن اننا لم نعثر على اية دراسة لهذه السورة على هذا المنهج ، كما لم نعثر على اية دراسة فعلية لهذه السورة خارج الرؤية ( الكلاسيكية) (4). ولما كان المنهج البنيوي يقوم على مجموعة من الثنائيات سواء أكانت متفقة ، أم مختلفة ، فأن الدراسة ستكون في ضمن مفهوم الثنائيات .