فكرة التخصيصية في المرافق العامة

Abstract

لقد اكتسبت الدعوة الى التخصيصية او الخصخصة أهمية كبيرة منذ مطلع الثمانينات من القرن العشرين وحتى الوقت الحاضر اذ كان للاحوال الاقتصادية السيئة التي مرت بها معظم الدول وما اعقبها من تردي اوضاع المرافق العامة فيها وانتشار ظاهرة الفساد الاداري أثرها البارز في تبني هذه الفكرة الجديدة . هذا وترمي هذه السياسة الاقتصادية الجديدة إلى التركيز على ضرورة عدم تدخل الدولة في كل صغيرة وكبيرة ، مثلما يقتضي ذلك النظام الاشتراكي ، وان ينحصر نشاطها في المسائل المهمة كمرفق الدفاع عن البلاد ، ومرفق الضبط الاداري الهادف الى الحفاظ على النظام العام ، وأخيرا المرافق التي تهتم بتحقيق العدالة وصيانة حقوق الافراد وحرياتهم .ووفقاً لذلك فقد شرعت معظم دول العالم في تنفيذ هذه السياسة الجديدة من خلال إصدار تشريعات تستهدف تقليص المرافق العامة ، ورفع يد الدولة عن معظم النشاطات الاقتصادية ، وإزالة القيود والحواجز امام النشاطات المنتمية للقطاع الخاص.ومما لاشك فيه ان هذا الامر قد ترك اثره على مجالات القانون الاداري ، واهمها نظرية المرافق العامة ، والتي تأثرت بهذه التغييرات الجديدة ، إذ ترتب على ذلك أن تصاعدت الدعوة الى نقل ملكية المرافق والمشروعات العامة الى القطاع الخاص ، بسبب قصور التمويل الحكومي في الانفاق عليها .و خاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية ، وكذلك زيادة العبء على موازنة الدولة في ظل تزايد عدد السلطات ، وضعف مستوى اداء المرافق العامة ، لذا كانت الدعوة الى تبني فكرة تخصيص المرافق العامة ، ومن ثم اضطلاع القطاع الخاص بالدور الريادي في تقديم الخدمات العامة ، وهذا هو موضوع هذا البحث والذي يثير العديد من الاشكالات ، لعل من أهمها : معرفة أسباب الاتجاه العالمي المتزايد نحو خصخصة المرافق والمشروعات العامة ، وكذلك نطاق أو حدود تطبيق هذه الفكرة الجديدة عليها .و إذ نشرع بكتابة هذا البحث لا ندعي تغطية كل ما هو متعلق بخصخصة المرافق والمشروعات العامة ، فمما لاشك فيه ان لهذا الموضوع أبعاداً اقتصادية وقانونية ، ولذلك سنحاول تغطية الجانب القانوني منها .ووفقاً لما تقدم فاننا سوف نقسم هذا الموضوع الى فصلين ، وكما يأتي :- أما الفصل الاول ، فانه سيكرس لبحث تحديد مدلول المرفق العام وعناصره ، ونتناول ذلك في مبحثين ، فالمبحث الاول منه سيكون مخصصاً لبيان مدلول المرفق العام ، وبعد ذلك نوضح في المبحث الثاني عناصر وجود المرفق العام وذلك لكونها محلاً لهذه الفكرة العالمية .وفيما يتعلق بالفصل الثاني ، فسنفرده لبحث النظام القانوني للتخصيصية في المرافق العامة ، وسوف نوضح ذلك في ثلاثة مباحث، الأول منها سوف يكون مداراً لبحث مدلول التخصيصية ومسوغاتها في المرافق العامة ، وفي المبحث الثاني نتناول نطاق التخصيصية في المرافق العامة ، ونبين في المبحث الثالث التنظيم القانوني لخصخصة المرافق العامة ، وأخيرا ًننهي هذا البحث بخاتمة نعرض فيها ما توصلنا إليه من نتائج . ومن الله التوفيق .