منهج أبي العلاء المعريّ من قضية الانتحال

Abstract

فطن قدماء العرب من علمائهم ونقادهم إلى ما أصاب الشعر من آفات الوضع ، وما لحقه من علل الكذب والاختلاف ، وقد اقتضت أمانتهم العلمية ان ينبهوا على كل ما ساورهم من شك ، أو داخلهم من شبه ، بل ربما أوغلوا في الشك ، وبالغوا في الاتهام رغبة في تخليص الشعر مما يمكن ان يلحقه من قتام ، ويتطاير نحوه من غبار ... هذا مع قرب عهدهم بالجاهلية ، وسهولة تثبتهم من المعمرين ، أو ممن روى من المعمرين عن أهل الجاهلية 0 إنّ جهود العلماء والرواة في بحث النحّل ، كانت إشارات إلى أبيات لا تغني كثيراً ، وإنْ إضاءات الطريق لمن جاء بعدهم . ولعل أبن هشام صاحب السيرة ، وأبن سّلام من القلائل الذين وجهوا جزءاً كبيراً من عنايتهم لقضية النحل ، وفسحوا له مجالاً واسعاً في كتابيهما فنقلا البحث فيها من الإشارات المقتضبة إلى البحث والتوسع ، وإيجاد منهج يعتمد عليه الدارسون في بحث هذه القضية الشائكة 0 ولم يكن المعريّ ــ وهو المهتمُّ بالرواية ، المطلع على طرقها وطرق رواتها ــ ليغفل أمر النحل في الشعر ، وأمر الرواة المستزيدين ، فلذلك يحاول ان يصطنع منهجاً في معالجته لتلك القضية . وهذا البحث معني بدراسة منهج المعريّ في قضية الانتحال ، 1. (( ما هذا مما صدر عني ، وانك منذ اليوم لمولعٌ بالمنحولات )) 0 ( المعري على لسان أعشى قيس ... رسالة الغفران : 212 )0 2. (( لقد كنا في الجاهلية نتقول ونتخرص ، فما جاءك عنا مما ينكره المعقول ، فانه من الأكاذيب ، والزمن كله على سجية واحدة . فالذي شاهده معد بن عدنان ، كالذي شاهده نضاضة ولد آدم ــ والنضاضة آخر ولد الرجل ))