مفهوم مؤسسات المجتمع المدني في الفكر السياسي المعاصر

Abstract

برز مصطلح (مؤسسات المجتمع المدني) نتيجة التطورات الكبيرة التي شهدها العالم في مجالات الحياة المختلفة، سواء السياسية منها أو الاقتصادية، أو الثقافية أو الاجتماعية في القرن العشرين. وبدأ يتردد هذا المصطلح في الأوساط الدولية ( المحافل الدولية)، في أكثر المناسبات، وبات التركيز على ضرورة إفساح المجال أمام مشاركة هذه المؤسسات في إدارة الشؤون العامة، وان تطلع وتساهم بنشاطها في مجالات الحياة ولا سيما الأكثر أهمية وتعقيداً منها. حيث ارتبط مفهوم المجتمع المدني في نشأته، وتطوره بتاريخ الشعوب، وسعى من أجل تحقيق الديمقراطية والحرية والمساواة، كما عبر في ذلك الوقت عن أفضل وسيلة لعلاج التعارض الظاهري بين حاجة الإنسان إلى الحرية وبين حاجته إلى الأمن والنظام، ونتيجة لهذا فقد مر المفهوم بمرحلة تبلور مديدة تمت فيه صياغته عبر مراحل تاريخية مختلفة التحولات بدءاً من القرن السابع عشر والثامن عشر في أوربا حيث فرضته ظروف التحولات الاجتماعية في ذلك الوقت عندما ظهرت الحاجة إلى علاقة جديدة بين الشعب والسلطة بعد انهيار المجتمع القديم(الإقطاعي) وظهور المجتمع الجديد(البرجوازي). وهكذا بدأت فكرة المجتمع المدني نسمة سياسية حضارية اتُخذت من قبل الناشطين أنصار الحرية شعاراً للديمقراطية والحقوق المدنية واحُتضنت من قبل المفكرين والفلاسفة والمجموعات السياسية المختلفة، لقد فُسر مفهوم(المجتمع المدني) بالعلاقة مع كل شيء، بدءاً بالتعددية السياسية والاجتماعية وحقوق الإنسان والتطوعية والخدمة العامة ولغاية الفردية والحيوية الاجتماعية والمواطنة الفعالة وتجزئة السلطة والمشاركة الاجتماعية والسياسية، وبذلك اتخذ هذا المفهوم عبر مسار تطوره دلالات مختلفة وصوراً ومعاني متباينة وفق المنظور الفلسفي والفكري والعقائدي والذاتي الذي عوُمل به وفسر على أساسه. إن المجتمع المدني كمفهوم أو مؤسسات يعكس مقولة تاريخية لظاهرة لها وجود حقيقي، متغير في الزمان، وبهذه الصفة يكتسب المفهوم الملامح التاريخية، كما يتميز بالخصوصية في حقبتنا الراهنة ومن ثم يمكن أن يلبس المفهوم وظائف إيديولوجية، ويستثمر لأجلها، أي يكتسي وظيفة تتخطى قيمته ومضمونه الحقيقي.