البصرة في حياة الجاحظ

Abstract

كانت البصرة موئلا من أعظم موائل العلم وبيئة من أخصب البيئات الثقافية يلتقي فيها العلماء والأدباء من مختلف شعوب الشرق في آسيا وأفريقيا ويجتمعون بالمربد أو المسجد وكانوا يسمون بالمربديين أو المسجديين وتكون لهم حلقات من أمتع حلقات العلم والدرس والأدب وفي البصرة هذه البيئة الخصبة الآهلة بالعلم والثقافة ولد الجاحظ . لقد كانت البصرة منذ تأسيسها تموج بالعلماء وتحفل بالشعراء وتضم اللغويين والنحاة وتعنى بما يترجم وترعى المثقفين ولم تمضى سنوات طويلة حتى أصبحت أهم الأمصار الإسلامية تتدفق منها أسراب العلماء وتفد إليها قوافل الطلاب وتصطخب بالمجالس العلمية التي تثار فيها شتى الموضوعات فقد كانت منبراً حراً يعلن الناس آراءهم فيه تؤمن برسالتها وتحفظ كيانها وكان اتصالها بالآخرين سريعا على الرغم من قلة الوسائل وقد أشار الجاحظ إلى سرعة انتقال الكتب والأخبار فقال ((ومما يدل على نفع الكتاب أنه لولا الكتاب لم يجز أن يعلم أهل الرقة والموصل وبغداد وواسط ما كان بالبصرة وما يحدث بالكوفة في بياض يوم حتى تكون الحادثة بالكوفة غدوة فتعلم بها أهل البصرة قبل المساء ))(1) .الجاحظ بصري المولد والمنشأ والوفاة(2)، ولد من أبوين فقيرين(3)، وتوفي والده وهو في حداثة السن(4) في حين ذكر بعض الباحثين المحدثين أنه ولد يتيم الأب(5)، أمّا أمه فلا يعرف عنها شيئاً سوى أنها كانت فقيرة وكانت تكفله وتتولى أمره وهو صغير(6) مما اضطره الى كسب قوته ومواجهة أعباء الحياة مبكراً، فباع الخبز والسمك في منطقة سيحان(7).(8)