نماذج نثرية لأبي المحاسن الكربلائي عرض ، ودراسة

Abstract

فإن ما ضاع من التراث الأدبي والعلمي العربي كثير ، وإذا ما تصفحنا كتب الفهارس التي تزخر بها المكتبة العربية ، فإننا سنجد أنَّ ما نشر من هذا التراث إنْ هو إلا نماذج أتى الزمن على غيرها ، لهذا يجتهد الباحثون بالتنقيب في زوايا المكتبات ، وبطون الكتب للاستدراك والإضافة إلى ذلك التراث الثرّ . ويلاحظ على التراث النثري الأدبي العربي أن نصوصه نادرة قياساً بما وصل إلينا من تراث شعري لأسباب عدَّة منها أنَّ العرب أمة ألجأتها طبيعة حياتها إلى اعتماد الذاكرة في حفظ مآثرها ، والذاكرة أقدر على حفظ الشعر منها على حفظ النثر ، وأن الأدباء العرب – قديماً وحديثاً – وجدوا أن الشعر – ولاسيما الجيد منه – فن لا يتمكن منه كل أحد ، خلافا للنثر الذي يستطيعه كثير من الناس ، لذا فهم يهتمون بتدوين ما ينظمون أكثر من اهتمامهم بما ينثرون ، وهكذا هو حال الناشرين ، فإن ناشر ديوان أبي المحاسن الكربلائي أغفل عدداً من نصوصه النثرية ، التي وجد الباحثان فيها من الأهمية ما لم يجده الناشر الأديب المرحوم محمد علي اليعقوبي ( 1894 – 1965 م ) وذلك لأسباب منها : أن منشئها كان من أدباء الموقف ، إذ عبَّر نتاجه الأدبي عن انحياز للوطن والأمة واهتمام بمستقبلهما ، وكان من رجال ثورة العشرين وتعرض بسبب مواقفه للمضايقة والاعتقال ، وكان في الرعيل الأول من رجال دولة العراق الحديث ، حين أضحى وزيراً للمعارف في الوزارة العسكرية الأولى سنة 1923 م ، ومن أسباب اهتمامنا بهذه النصوص النثرية ؛ أنها أنشئت في حقبة زمنية بالغة الأهمية من النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية ، فقد شهدت تلك الحقبة احتضار الدولة العثمانية وانهيارها بعد ذلك ، إذ لم تنفع تميمة الدستور وما رافقه من انفتاح على العالم وحرية في إصدار الصحف على إعادة الشباب إلى تلك الدولة المترامية الأطراف والمتعددة الأجناس ... ثم إن موضوعات تلك النصوص كانت متنوعة ذات طابع سياسي واجتماعي وثقافي ... ولهذا رأينا نفعاً كبيراً في إخراجها وتسليط الضوء عليها . وقد واجهتنا جملة مشكلات في عملنا ، لعلَّ من أهمها أننا وجدنا تلك النصوص تنتمي إلى حقبة زمنية واحدة وهي الحقبة التي أعقبت الانقلاب الدستوري العثماني سنة 1908 م ، على الرغم من أن منشئها عاش الحقبة التي سبقتها والحقبة التي أعقبتها ، إلا أننا لم نجد نصاً واحداً نثرياً ينتمي إلى حقبة ما بعد انهيار الدولة العثمانية .. والاحتلال البريطاني .. وقيام الدولة العراقية الحديثة ... ثم إن الدفتر الذي نقلنا منه النصوص كتب على عجالة ، إذ إن ناسخه الأديب المرحوم حسن عبد الأمير المهدي ( 1920 – 2001 م ) استعار النسخة المخطوطة الأصلية من مالكها المرحوم الأديب محمد علي اليعقوبي ونسخها – بأجمعها – في ليلة واحدة بتاريخ 19 / 3 / 1949 م ، - كما صرَّح لنا بنفسه سنة 1994 م – فبسبب تلك العجالة ، وبسبب فعل الزمن في أوراق ذلك الدفتر كثر الطمس والتصحيف والتحريف ... عندها اجتهدنا في إقامة النصوص ، ونأمل أن نكون قد استطعنا التغلب على تلك المشكلة ... ولم نسمِّ عملنا تحقيقاً لأننا لم نعثر على النصوص النثرية في مصدر آخر – سواء أكان مخطوطاً أم مطبوعاً – وعسى أن نعثر على أصل آخر لديوان أبي المحاسن فنخرجه محققاً بكامله إن شاء الله تعالى .