اشكاليات العلاقة بين الاقتصاد المالي والاقتصادالعيني ودورها في امتصاص الثاني لازمة الاول الراهنة

Abstract

الأصل أن أدوات الاقتصاد المالي والتي من أهمها الأسهم والسندات والنقود أوجدتها الضرورة في مراحل تاريخية مختلفة كي تسهل عمليات التبادل على الأصول العينية وتيسر التعاون المشترك بين البشر. ورغم أن أصل علاقة الأصول المالية بالأصول العينية هي علاقة التابع بالمتبوع، إلا أن عدداً من المتناقضات الكامنة في الاقتصاد العالمي أوجدت انفصاماً بين الاقتصاد المالي والاقتصاد العيني. وقد كشفت الأزمة المالية العالمية الراهنة عن وجود عيوب هيكلية في الاقتصاد المالي أدت إلى استحداث إشكاليات برزت على سطع العلاقة بين الاقتصادين. وكانت محصلة هذه المتناقضات وهذه العيوب تحول الأصل ( الاقتصاد العيني ) إلى استثناء والاستثناء ( الاقتصاد المالي ) إلى أصل؛ وهو ما أحدث آثاراً سلبية على الاقتصاد العيني ( الحقيقي ) تختلف المؤشرات حول تقديراتها، وإن كانت تجمع على ضخامتها.ويسعى هذا البحث لرصد الإشكاليات المتعددة بين الاقتصادين المالي والعيني، سواءً نتجت من المتناقضات الكامنة في الاقتصاد العالمي أو من العيوب الهيكلية في النظام المالي العالمي، ثم رصد الأثر الذي أحدثته هذه الإشكاليات على الاقتصاد العيني إلى الوقت الذي تم فيه إنجاز البحث، مع استشراف سيناريوهات امتصاص الاقتصاد العيني للأزمة المالية الراهنة في الأجلين القصير والمتوسط. وسينهج البحث المنهج الاستنباطي بالوصول إلى العموميات من خلال الجزئيات. وقد واجه البحث صعوبة كبيرة تتمثل في الزخم الكبير في التفاصيل والبيانات والمؤشرات المتعلقة بموضوعه التي تتفق مرة وتختلف مرات. وقد نهج البحث للتغلب على هذه الإشكالية المنهج الآتي:1.فيما يتعلق بالزخم الكبير في البيانات والمؤشرات المتعلقة بالتأثير الذي أصاب الاقتصاد العيني من جراء الأزمة، فإن البحث سيركز على التأثير الذي حدث للاقتصاديات العينية لعينة من الدول وهي أكثر الدول ثراءً في مناطق مختلفة من العالم ولعينة من الشركات المتعددة ( المتعدية الجنسيات )؛ وهو ما سيعطي انطباعاً كاملاً عن مجمل الاقتصاد العالمي؛ لأن التأثير إن كان سلبياً على الدول والشركات عينة البحث بدرجة معينة فإنه سيكون سلبياً بدرجة أكبر على باقي الدول الأقل ثراءً والشركات الأصغر حجماً.2.وفيا يتعلق بالاختلاف بين قيم البيانات والمؤشرات، فقد اعتمد البحث على البيانات الرسمية دولياً ومحلياً، وإذا حدث بينها اختلاف فسيوردها البحث بقيمها المختلفة حتى نتوصل إلى صيغة تقريبية للأثر الذي أصاب الاقتصاد العيني جراء الأزمة.ويفترض البحث فرضية رئيسة تتمثل في وجود علاقة توازي بين إشكاليات العلاقة بين الاقتصاد المالي والاقتصاد العيني وبين حالة الاقتصاد العيني. فكلما زادت حدة هذه الإشكاليات ساءت حالة الاقتصاد العيني والعكس.وسيتم تقسيم البحث إلى فصلين، يتناول الفصل الأول إشكاليات العلاقة بين الاقتصاد المالي والاقتصاد العيني، في حين يتناول الفصل الثاني تشخيص وسيناريوهات امتصاص الاقتصاد العيني لأزمة الاقتصاد المالي الراهنة. وسيتم التعرض في فصل تمهيدي لمفهوم الاقتصاد المالي والاقتصاد العيني: